رؤية مجلس القيادة الرئاسي للتسوية السياسية في اليمن
كتابة سياسية – الأحد 23 فبراير
الكاتب/ مهند الغرساني
تشكل رؤية مجلس القيادة الرئاسي للتسوية السياسية في اليمن إطارًا مفصلاً لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد بعد سنوات من الحرب والصراع. هذه الرؤية تركز على معالجة القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية في اليمن، وتسعى إلى إيجاد حل شامل يضمن استعادة الدولة واستقرارها. ويمكن إجمال الأركان الرئيسية لهذه الرؤية على النحو التالي:
1- إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة:
يعد إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة” من الأركان الأساسية لرؤية مجلس القيادة الرئاسي للتسوية السياسية في اليمن. فعقب الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي في 21 سبتمبر 2014م، تعرَّضت مؤسسات الدولة اليمنية إلى انهيار شبه كامل. كان هذا الانقلاب نقطة تحول حاسمة في تاريخ اليمن الحديث، حيث تمكنت جماعة الحوثي من السيطرة على العاصمة صنعاء وعدد من المناطق الاستراتيجية. هذه السيطرة عطلت عمل مؤسسات الدولة وأثرت سلبًا على الحياة السياسية والاقتصادية. إن استمرار هذا الوضع يعمق الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد ويهدد وحدة اليمن.
وفي هذا السياق،” أكدت الحكومة اليمنية أن استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب هدف لا رجعة عنه إذا لم تذعن جماعة الحوثي للحل السياسي، مشيرةً إلى استمرار تعنت الحوثيين ورفضهم كافة جهود السلام، مما يؤدي إلى تعميق المأساة الكارثية للشعب اليمني” (مركز الاتحاد للأخبار، 2023).
إن استعادة مؤسسات الدولة يشكل خطوة حاسمة لاستعادة النظام السياسي. يتطلب ذلك استعادة العاصمة صنعاء والمدن الأخرى التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، مع ضمان عودة مؤسسات الدولة للعمل بشكل كامل. على سبيل المثال، يجب أن تتمكن الحكومة الشرعية من إعادة بناء النظام الإداري والتشريعي في البلاد. هذا يتطلب توحيد القوات المنضوية تحت مظلة الشرعية وإجراء إصلاحات هيكلية وإدارية شاملة تشمل كافة مؤسسات الدولة، بهدف تعزيز كفاءة المؤسسات الحكومية وضمان تقديم الخدمات العامة بفعالية.
يؤكد مجلس الأمن على أهمية استعادة سيطرة الحكومة على جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك احترام المستويات القيادية في مؤسسات الدولة القائمة شرعياً. كما يطالب بإزالة أية عوائق تحول دون حسن سير مؤسسات الدولة، وإجراء التغيرات لضمان الشمولية في المؤسسات السياسية (صفا، 2018، 81).
لذلك،” تتطلب الأوضاع الحالية التي تشهدها البلاد تشكيل حكومة حرب مصغرة تركز كل الجهود الرسمية والشعبية على مشروع استعادة الدولة والقضاء على الانقلاب الحوثي، والعمل على عودة الأمن والاستقرار. وبعد ذلك، يمكن البدء بعملية سياسية تبدأ بتشكيل حكومة تكنوقراط تدير المرحلة الانتقالية وتشرف على العملية السياسية وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني” (قائد، 2023).
وبناءً على ما سبق، فإن على اليمنيين أن يدركوا أن حربهم الحقيقية هي “تلك التي تحقق هدفهم الأخير في استعادة الدولة والهوية اليمنية الجمهورية” (الشلفي، 2022، 80).
ومن ثم، فإن الحرب الحقيقية لا تقتصر على استعادة الأرض، بل تمتد إلى استعادة الهوية الوطنية التي تأثرت نتيجة الانقلاب. الحرب ليست فقط عسكرية، بل هي معركة ثقافية وسياسية لاستعادة قيم ومبادئ الدولة الحديثة التي تأسست على أسس الجمهورية.
وفقا لذلك، فإن تأكيد الحكومة اليمنية على إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة يعكس التزامًا راسخًا بإعادة بناء النظام السياسي اليمني وحماية مؤسسات الدولة من التفكك والضعف. من الضروري أن تكون هناك استجابة من جميع الأطراف السياسية لتحقيق حل سياسي يضمن سلامة البلاد واستقرارها، مع إحداث تغييرات بنيوية تعزز قدرة الدولة على تلبية احتياجات شعبها وتحقيق تطلعاته.
2 – ضمان حرية الملاحة البحرية:
نظرًا لأهمية الموقع الجغرافي لليمن على البحر الأحمر وباب المندب، فإن ضمان حرية الملاحة البحرية يمثل أولوية استراتيجية في رؤية المجلس. ويشمل ذلك ضمان حرية الحركة في المياه الإقليمية اليمنية وحمايتها من أي تهديدات، خصوصًا في ظل العمليات العسكرية في البحر الأحمر.
إن حرية الملاحة البحرية تعتبر مصلحة حيوية لليمن، إذ يعتمد الاقتصاد اليمني بشكل كبير على حركة السفن التجارية التي تمر عبر هذه المياه. كما أن أي تهديد لهذه الملاحة يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني وعلى التجارة الدولية. لذلك، أصبح من الضروري ضمان عدم تعطيل حركة السفن التجارية، سواء كانت محلية أو دولية، وتوفير بيئة آمنة للملاحة البحرية.
ومن جانب آخر، فإن ضمان حرية الملاحة البحرية يعكس التزام الحكومة اليمنية في استعادة سيادتها على كافة أراضيها ومياهها الإقليمية. هذا يتطلب التعاون مع المجتمع الدولي، خاصة مع الدول الكبرى ومنظمات الأمن البحري، لضمان حماية هذه الممرات الحيوية وضمان استمرار حركة التجارة العالمية دون تهديدات.
علاوة على ذلك، فإن ضمان حرية الملاحة البحرية يعزز من الاستقرار الإقليمي في المنطقة ويسهم في تقوية الروابط الاقتصادية بين اليمن ودول الجوار، مما يساعد على إعادة بناء الاقتصاد اليمني بعد النزاع. كما أن هذه الخطوة تساهم في تعزيز الأمن البحري في المنطقة، مما ينعكس إيجابًا على استقرار الأمن الإقليمي والدولي.
في ذلك،” اعتبر رئيس مجلس القيادة الرئاسي في تصريح له أن الضربات العسكرية التي قامت بها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا ضد أهداف للحوثيين، كاستجابة لاستهدافهم لسفن تجارية في البحر الأحمر، ليست هي الحل الأمثل. وأكد على أن الحل الحقيقي يكمن في القضاء على القدرات العسكرية للحوثيين” (القدس العربي، 2024).
وأضاف “إن العمليات الدفاعية ليست الحل، الحل هو القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية”، مضيفًا: “الحل هو شراكة مع الحكومة الشرعية للسيطرة على هذه المناطق واستعادة مؤسسات الدولة” (المصدر السابق، 2024).
ويشير عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح إلى “أن الحل الأمثل لما يجري في البحر الأحمر يتمثل في دعم الحكومة لفرض سيطرتها على التراب اليمني كاملًا، خاصة أن المجتمع الدولي أصبح يدرك خطر المليشيا الحوثية بشكل واضح بعد أن مست مصالحه مباشرة” (Anadolu Ajansı، 2024).
وعلى التوازي من ذلك، طالبت الحكومة اليمنية، على لسان سفيرها لدى الولايات المتحدة الأمريكية، محمد الحضرمي، “بأن تتضمن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في اليمن تصنيف الحوثي جماعة إرهابية على غرار الحرس الثوري وحزب الله، وتقديم الدعم للجيش اليمني لمواجهة الحوثي وتحرير الحديدة، واستهداف قيادات حوثية عسكرية لإضعاف هيكلة الجماعة” (أخبار اليمن الآن، 2024).
ومع إعادة تصنيف الإدارة الأمريكية الجديدة للجماعة كمنظمة إرهابية، ” رحب مجلس القيادة الرئاسي على لسان رئيسه “رشاد محمد العليمي”، بقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أعاد تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية. وأكد العليمي أن هذا القرار يعكس التزام المجتمع الدولي بمكافحة الأنشطة الإرهابية ويعزز الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن ” (اليوم السابع، 2025).
“وشدد على التزام الحكومة اليمنية بالتعاون الوثيق مع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي لتنفيذ قرار التصنيف، وتقديم الضمانات اللازمة لتدفق المعونات الإنسانية دون أية عوائق” (المصدر السابق، 2025).
وفي هذا السياق، فإن من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن “موقع اليمن بخصائصه الجيوستراتيجية، ووجوده في الزاوية الجنوبية الغربية من الوطن العربي الآسيوي جعله يمثل حلقة وصل بين غرب آسيا وشرق أفريقيا، وبذلك ارتبط أمن واستقرار اليمن ارتباطًا حيويًا ومصيريًا بأمن وسلامة خطوط نقل الطاقة وطرق الملاحة الدولية” (العثماني، 2023، 34).
وفي الوقت نفسه، يشمل ضمان حرية الملاحة البحرية بناء جسور من التعاون مع التحالفات الدولية والمحلية لضمان تنسيق الجهود الأمنية لحماية هذه الممرات، بما في ذلك تعزيز قدرات القوات البحرية اليمنية وتحديثها، بما يسمح لها بتأمين السواحل والمياه الإقليمية بشكل فعّال.
باختصار، فإن ضمان حرية الملاحة البحرية في رؤية مجلس القيادة الرئاسي يشمل الحفاظ على أمن هذه
الممرات الحيوية من التهديدات، وهو خطوة أساسية لاستقرار الاقتصاد اليمني وتعزيز دوره في النظام التجاري الدولي.
3 – ترتيب المؤسسة العسكرية والأمنية:
يشمل هذا الركن إعادة هيكلة وتنظيم المؤسسات العسكرية والأمنية بما يضمن القضاء على الانقسامات الداخلية داخل هذه المؤسسات في اليمن. في هذا الإطار، “جاء تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية، وفق المادة الخامسة من إعلان نقل السلطة في 7 أبريل 2022، من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي إلى المجلس الرئاسي المكون من 7 أعضاء برئاسة العليمي، والتي تنص على تشكيل لجنة أمنية وعسكرية مشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع أي مواجهات مسلحة في مختلف أنحاء البلاد” (الأحمدي، 2022).
ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر وضع خطط استراتيجية لتنظيم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بحيث تكون تحت قيادة موحدة، ملتزمة بحماية الوطن والمواطن بعيدًا عن الصراعات السياسية. خلال سنوات النزاع، ظهرت عدة تشكيلات عسكرية متفرقة تمثل مختلف الأطراف السياسية والعسكرية. هذا الانقسام خلق تحديات كبيرة في تنفيذ العمليات العسكرية ضد المتمردين الحوثيين أو في تأمين الأراضي المحررة. لذلك، تتطلب رؤية مجلس القيادة الرئاسي تعزيز التنسيق بين هذه التشكيلات، بما يساهم في خلق جيش وطني موحد، قادر على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية.
بجانب الجيش، فإن القوات الأمنية تحتاج إلى هيكلة جديدة لضمان توفير الأمن الداخلي وحماية المؤسسات المدنية. يشمل ذلك إنشاء قوى أمنية موحدة تعمل تحت إشراف الحكومة الشرعية، ويجب أن تتسم بالاحترافية والقدرة على التعامل مع الأزمات الأمنية والمجتمعية. من المهم أن تتجنب هذه القوات الانقسامات الحزبية أو المناطقية، وتعمل بشكل متكامل لضمان استقرار الوضع الداخلي.
وفي هذا السياق، تقول السلطة اليمنية المعترف بها دوليًا إن الهدف من دمج الأجهزة الأمنية والعسكرية هو إنهاء حالة التضارب في مهام واختصاصات تلك الأجهزة عقب دمج الكيانات السياسية الداعمة للشرعية في مجلس القيادة الرئاسي (مركز الروابط للدراسات الاستراتيجية والسياسية، 2024).
علاوة على ذلك، فإن إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية لا يقتصر على الجهود المحلية فقط، بل يستدعي أيضًا التعاون مع المجتمع الدولي، خصوصًا مع الدول التي تقدم الدعم العسكري والتدريبي لليمن. من خلال هذا التعاون، يمكن استفادة اليمن من الخبرات العسكرية الدولية لتطوير قطاعها الدفاعي والأمني. كما يجب أن تشمل هذه الجهود تقديم الدعم اللوجستي والتقني لتعزيز قدرة المؤسسات العسكرية على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وفي هذا الجانب، “على السعودية والحكومة اليمنية الشرعية أن تفرض في الحلول السياسية المقبولة مع الحوثيين، بنزع سلاح الحوثيين من أجل تحقيق الأمن والاستقرار المنشود. فوجود السلاح في جعبتهم يعني وجود أزمات مقبلة على يدهم مستقبلاً” (الشنباري، 2016، 169).
وعلى الجانب الآخر، فإن ترتيب المؤسسة العسكرية والأمنية يهدف أيضًا إلى ضمان استقرار اليمن على المدى الطويل من خلال بناء قدرات الأمن الداخلي، ما يتيح للدولة فرض سيطرتها على جميع الأراضي اليمنية. إذا تم ترتيب هذه المؤسسات بشكل صحيح، ستتمكن الدولة من تطبيق القانون، مكافحة الفساد، وتحقيق الأمن المجتمعي، مما يعزز من فرص تنفيذ مخرجات عملية التسوية السياسية.
إضافة إلى ذلك، فإن أحد أهم جوانب ترتيب المؤسسة العسكرية هو إعادة بناء الثقة بين الجيش والشعب. يتطلب ذلك تفعيل آليات الشفافية والمحاسبة، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمجندين من خلال توفير حقوقهم الأساسية، والاهتمام بالظروف المعيشية للعسكريين وعائلاتهم.
ومن سياق ما تم ذكره، يتضح أن ترتيب المؤسسة العسكرية والأمنية هو حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار في اليمن. فهو يضمن قدرة الدولة على فرض سيطرتها على الأرض، وحماية مؤسساتها ومواطنيها من التهديدات الداخلية والخارجية. كما يسهم في بناء دولة مؤسسات تتسم بالعدالة والمساواة، مما يوفر بيئة آمنة ومستقرة للمواطنين ويعزز من فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وعليه، فإن تحقيق هذا الهدف يعتبر أساسيًا في تنفيذ رؤية مجلس القيادة الرئاسي للتسوية السياسية وتحقيق الاستقرار الدائم في اليمن.
4- اعتبار المرجعيات الثلاث أساسًا للحل السياسي الشامل:
تمثل المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216) الأسس القانونية والسياسية التي يستند إليها الحل السياسي في اليمن. ويؤكد مجلس القيادة الرئاسي على ضرورة الالتزام بهذه المرجعيات في جميع مراحل التسوية السياسية.
تعتبر هذه المرجعيات أساسًا للحل السياسي الشامل، لأنها تمثل اتفاقات دولية ومحلية تعكس توافقًا بين الأطراف السياسية الرئيسية في اليمن، وتضمن تحقيق التسوية الشاملة والعدالة الاجتماعية. إذا تم احترام هذه المرجعيات، فإنها تشكل الإطار الذي يمكن أن يفضي إلى حل شامل للنزاع، مع ضمان مشاركة جميع الأطراف في العملية السياسية وتحقيق مصالح الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والازدهار.
بالإضافة إلى ذلك، يُؤكد مجلس القيادة الرئاسي أن هذه المرجعيات ليست مجرد شروط نظرية، بل هي خارطة طريق واقعية تهدف إلى استعادة الدولة اليمنية وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال عملية سياسية جامعة تُسهم في تحقيق السلام الدائم. لذلك، يشدد المجلس على ضرورة تنفيذ هذه المرجعيات بشكل كامل، ويعتبر أي تجاوز لها أو تجاهلها تهديدًا للسلام والاستقرار في اليمن.
وفي هذا السياق، جدد المجلس تمسكه الكامل بالمرجعيات الثلاث كأساس للحل السياسي الشامل، وذلك على لسان رئيس المجلس رشاد العليمي، الذي قال: “إن السلام العادل القائم على المرجعيات المتفق عليها وطنيًا وإقليميًا ودوليًا، وخصوصًا القرار 2216، كان وسيظل مصلحة أولى للشعب اليمني على طريق استعادة مؤسسات الدولة الضامنة للحقوق والحريات، والعدالة والمواطنة المتساوية، التي ستجعل اليمن أكثر أمنًا واستقرارًا، وحضورًا في محيطه الإقليمي والدولي” (موقع المجهر، 2024).
كما يرى المجلس أن التزام المجتمع الدولي بدعم تنفيذ هذه المرجعيات يعد أمرًا ضروريًا لضمان نجاح عملية التسوية السياسية في اليمن.
من ثم، يمكن القول إن اعتبار المرجعيات الثلاث أساسًا للحل السياسي الشامل يُعد خطوة محورية نحو بناء يمن مستقر وآمن، ويشكل الطريق الصحيح لاستعادة الدولة والنظام السياسي على أسس ديمقراطية وعادلة، في ظل احترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين.
5 – التأكيد على حل القضية الجنوبية:
تمثل القضية الجنوبية أحد القضايا المركزية في الصراع اليمني. ومن خلال رؤية مجلس القيادة الرئاسي، يسعى المجلس إلى إيجاد حل عادل وشامل لهذه القضية بما يضمن حقوق أبناء الجنوب، ويحقق تطلعاتهم السياسية والاجتماعية، مع العمل على تعزيز الوحدة الوطنية على أسس جديدة.
مجلس القيادة الرئاسي يولي اهتمامًا كبيرًا لحل القضية الجنوبية باعتبارها جزءًا أساسيًا من التسوية السياسية الشاملة في اليمن. ويشدد المجلس على ضرورة معالجة جذور المشكلة الجنوبية بشكل يتسم بالعدالة والمساواة. ومن خلال حوار شامل بين جميع الأطراف السياسية والاجتماعية في الشمال والجنوب، يهدف المجلس إلى الوصول إلى حل يرضي كافة الأطراف، ويحفظ وحدة اليمن.
في هذا السياق، يعبر المجلس عن التزامه بتقديم حلول سياسية قائمة على العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع أبناء الشعب اليمني، سواء في الشمال أو في الجنوب. وهذا يتطلب إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي والمكونات السياسية الجنوبية في عملية التفاوض والتسوية بشكل متوازن، بما يعكس التطلعات الشعبية في الجنوب في إطار يضمن استقرار البلاد ووحدتها.
علاوة على ذلك، يؤكد المجلس على أن حل القضية الجنوبية يجب أن يتم ضمن إطار سياسي شامل يعزز من وحدة اليمن وسيادته، ويعالج القضايا المرتبطة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية لأبناء الجنوب. يشمل ذلك تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الجنوبية، وتحسين الخدمات الأساسية، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وكذلك ضمان تمثيل سياسي عادل للأقاليم الجنوبية في المؤسسات الحكومية.
كما أن المجتمع الدولي يُعد شريكًا أساسيًا في دعم حل القضية الجنوبية. حيث يؤكد مجلس القيادة الرئاسي على أهمية المساندة الدولية لتحقيق تسوية عادلة لهذه القضية، التي تأثرت بشكل كبير جراء النزاع المستمر. يعتبر المجلس أن دور المجتمع الدولي في تقديم الدعم المالي والفني ضروري لتحقيق تنمية شاملة في المناطق الجنوبية، ما يسهم في تعزيز الاستقرار على المستوى الوطني.
من هذا المنطلق، فإن حل القضية الجنوبية لا يمثل فقط حلًا سياسيًا، بل أيضًا اجتماعيًا واقتصاديًا. يهدف إلى تحقيق التوازن في التعامل مع جميع مناطق اليمن، ويضمن مشاركة عادلة لجميع فئات الشعب اليمني في بناء المستقبل المشترك.
إجمالاً، يُعد حل القضية الجنوبية أحد الركائز الأساسية لضمان الاستقرار الوطني وتحقيق السلام المستدام في اليمن. وبالتالي، فإنه جزء لا يتجزأ من رؤية المجلس لتحقيق تسوية شاملة تنهي النزاع وتحقق العدالة والمساواة لجميع أبناء اليمن.
6 – الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار:
يعاني الاقتصاد اليمني من تدهور حاد نتيجة الحرب والصراع المستمر، مما أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي وتدمير البنية التحتية بشكل كبير. في هذا السياق، تركز رؤية مجلس القيادة الرئاسي على ضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى تحسين الإدارة المالية، وتنمية القطاعات الإنتاجية، فضلاً عن إعادة الإعمار والبنية التحتية للبلاد. تعد هذه الإجراءات أساسية لتحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي في اليمن.
الإصلاح الاقتصادي في رؤية المجلس يتضمن محاور رئيسية، منها إصلاح المؤسسات المالية وتعزيز النظام الضريبي، بالإضافة إلى معالجة التحديات المتعلقة بالديون العامة وتراجع قيمة العملة الوطنية. كما يشمل تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية لضمان إدارة الموارد الاقتصادية بكفاءة وفعالية.
من جهة أخرى، يتطلب الإصلاح الاقتصادي إعادة إعمار البنية التحتية التي دمرت جراء النزاع، بما في ذلك إعادة بناء الطرق والمستشفيات والمدارس والمرافق العامة الأخرى. يرى المجلس أن إعادة الإعمار تعتبر خطوة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاقتصاد المحلي. كما يولي المجلس اهتمامًا كبيرًا بتشجيع الاستثمارات المحلية والدولية في قطاعات حيوية مثل الطاقة، والزراعة، والصناعة، بهدف توفير بيئة أعمال مواتية للنمو الاقتصادي المستدام.
تعد إعادة الإعمار خطوة حيوية لا تقتصر فقط على البنية التحتية المادية، بل تشمل أيضًا إعادة بناء المؤسسات الحكومية وتعزيز قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. كما يولي المجلس أهمية خاصة لتحسين القطاع الصحي والتعليمي، حيث يسعى إلى توفير خدمات صحية وتعليمية أفضل، وهو ما يُعد خطوة ضرورية نحو تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
في هذا السياق، أكد المجلس تمسكه بجدول أعمال واضح للمشاركة في أي حوار حول الملف الاقتصادي، ويشمل هذا جدول الأعمال ثلاثة شروط أساسية: أولاً، استئناف تصدير النفط، ثانيًا، توحيد العملة الوطنية، ثالثًا، إلغاء كافة الإجراءات التعسفية بحق القطاع المصرفي ومجتمع المال والأعمال (بلقيس نت، 2024).
إلى جانب هذه الجهود، يلعب المجتمع الدولي دورًا محوريًا في دعم الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار في اليمن. حيث يولي المجلس أهمية كبيرة للتعاون مع المنظمات الدولية والدول الشقيقة والصديقة لضمان تدفق الدعم المالي والتقني الضروري لتحقيق الأهداف الاقتصادية. ويعتبر المجلس أن توفير الدعم المالي اللازم لتنفيذ خطط الإصلاح والإعمار يعد أمرًا حيويًا لتحقيق الاستقرار والازدهار في اليمن على المدى الطويل.
تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار يعتبران من الركائز الحيوية لتحقيق الاستقرار في اليمن. ويجب أن يسيرا جنبًا إلى جنب مع الجهود السياسية لتحقيق تسوية شاملة، لضمان مستقبل أفضل لجميع اليمنيين في كافة أنحاء البلاد.
7 – التعاون مع الحلفاء الإقليميين:
تسعى رؤية مجلس القيادة الرئاسي إلى تعزيز التعاون مع الحلفاء الإقليميين الذين يمكنهم تقديم الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لليمن. يشمل ذلك التعاون مع دول التحالف العربي والدول الصديقة بهدف تحقيق الأهداف المشتركة في إعادة بناء اليمن ودعمه في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية.
لقد كانت الدول الإقليمية، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من أبرز الداعمين للحكومة اليمنية الشرعية خلال سنوات النزاع. وقد أسهمت هذه الدول بشكل كبير في تقديم الدعم العسكري والتقني، فضلاً عن المساعدات الإنسانية والاقتصادية التي ساعدت في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية في اليمن. يُعد هذا التعاون ضروريًا لإعادة بناء المؤسسات الحكومية وتعزيز قدرات الدولة اليمنية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ولا يقتصر التعاون الإقليمي على الدعم العسكري فحسب، بل يمتد أيضًا إلى تعزيز التنسيق بين اليمن ودول الجوار في المجالات الاقتصادية والسياسية. يشمل ذلك فتح آفاق للتعاون التجاري وزيادة الاستثمارات في اليمن، فضلاً عن تسهيل حركة التجارة عبر البحر الأحمر والممرات المائية الاستراتيجية. إن التعاون الاقتصادي مع الحلفاء الإقليميين سيُسهم في تعزيز الاستقرار المالي ويساعد على تطوير البنية التحتية للبلاد.
ويؤكد مجلس القيادة الرئاسي على أن التعاون مع الحلفاء الإقليميين يجب أن يهدف إلى تحقيق أمن المنطقة ككل، وذلك من خلال تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب والتهديدات الإيرانية التي تمثل تحديًا مشتركًا لجميع دول المنطقة. كما يضع المجلس في اعتباره أن ضمان استقرار اليمن هو جزء لا يتجزأ من استقرار الأمن الإقليمي، وهو ما يتطلب التزامًا طويل الأمد من جميع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية.
إضافة إلى ذلك، يبرز المجلس أهمية العمل المشترك مع الحلفاء الإقليميين لتطوير خطط استراتيجية تفعيل المبادرات الإقليمية التي تساهم في حل النزاعات وتحقيق التسوية السياسية في اليمن. ويؤكد أن هذا التعاون سيُسهم في ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن، ويعزز من فرص التنمية المستدامة في البلاد.
بالتالي، يمكن القول إن التعاون مع الحلفاء الإقليميين يمثل جزءًا لا يتجزأ من رؤية مجلس القيادة الرئاسي. فهو يعد من العوامل الحاسمة التي ستساعد في تحقيق الاستقرار الدائم في اليمن، وتحقيق التسوية السياسية الشاملة التي تُنهي الصراع وتضمن مستقبلًا آمنًا ومستقرًا للمواطنين في البلاد.
8 – الحل السياسي الشامل:
يتطلع مجلس القيادة الرئاسي إلى تحقيق حل سياسي شامل يعترف بالحقوق المشروعة لجميع الأطراف اليمنية ويعزز تمثيل كافة الشرائح المجتمعية في العملية السياسية. يشمل هذا الحل تسوية للنزاع عبر الحوار والمفاوضات، بما يسهم في تحقيق السلام الدائم والمستدام.
وفقا للمادة الثامنة من إعلان نقل السلطة في اليمن، “تنتهي ولاية مجلس القيادة الرئاسي وفقًا للحل السياسي الشامل وإقرار السلام الكامل في كافة أنحاء الجمهورية، والذي يتضمن تحديد المرحلة الانتقالية ومتطلباتها، أو عند إجراء الانتخابات العامة وفقًا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد” (وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، 2022).
إن الحل السياسي الشامل، وفقًا لرؤية المجلس، يتطلب تحقيق مجموعة من المبادئ الأساسية، من بينها الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته، وضمان حقوق جميع المواطنين، سواء في الشمال أو الجنوب، بشكل متساوٍ. يُشدد على ضرورة أن تتضمن التسوية السياسية جميع القضايا العالقة، مثل القضية الجنوبية، والمصالحة الوطنية، وإصلاح المؤسسات، وكذلك وضع الآليات المناسبة لتحقيق العدالة الانتقالية وتعويض المتضررين من النزاع.
من جهة أخرى، يدرك مجلس القيادة الرئاسي أهمية إشراك المجتمع الدولي في هذه العملية السياسية، حيث يُعتبر الدعم الدولي ضروريًا لنجاح التسوية. يشمل هذا الدعم جهودًا سياسية ودبلوماسية، بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والمالية اللازمة لإعادة بناء اليمن ودعم جهود التنمية المستدامة.
ويؤكد المجلس أن الحل السياسي الشامل يجب أن يكون مبنيًا على المرجعيات الثلاث التي تم الاتفاق عليها دوليًا ومحليًا، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. تعتبر هذه المرجعيات إطارًا قانونيًا وسياسيًا للتسوية، بما يضمن احترام حقوق الإنسان، وحماية الأمن والاستقرار، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
في هذا السياق، قال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي في بيان الجمهورية اليمنية أمام مجلس الأمن في الجلسة المفتوحة حول (اليمن): “إن أي حل سلمي تفاوضي للصراع في اليمن يجب أن يمر عبر مسار شامل يتضمن هذه الأسس ومعالجة كافة القضايا، بما في ذلك السبب الحقيقي للصراع وتخلي الميليشيات الحوثية عن ما يسمى الحق الإلهي في حكم اليمنيين” (وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، 2023).
علاوة على ذلك، يعتبر المجلس أن الحل السياسي الشامل لا يقتصر فقط على الاتفاق بين الأطراف السياسية، بل يشمل أيضًا إصلاحات اقتصادية واجتماعية تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية للبلاد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وبالتالي، يتطلب الحل السياسي الشامل تنسيقًا مستمرًا بين جميع الجهات المعنية داخل اليمن ومع المجتمع الدولي لتحقيق النجاح المطلوب.
في ضوء ما سبق، يمكن القول إن الحل السياسي الشامل في رؤية مجلس القيادة الرئاسي يمثل أفقًا مستقبليًا لليمن يتمحور حول تحقيق السلام الدائم والمستدام. يعتمد هذا الحل على حوار شامل، توافق سياسي، وتنسيق داخلي ودولي لضمان نجاح التسوية السياسية التي تنهي الصراع وتحقق العدالة والمساواة لجميع المواطنين.
9 – مكافحة الإرهاب والفساد وإيقاف هدر المال العام:
تواجه اليمن تحديات كبيرة في مكافحة الإرهاب والتطرف، إضافة إلى انتشار الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة. ومن هنا، يشدد مجلس القيادة الرئاسي على ضرورة تنفيذ سياسات صارمة لمكافحة الإرهاب، وتطوير آليات فعّالة لمكافحة الفساد وحماية المال العام.
في هذا السياق، يؤكد مجلس القيادة الرئاسي على أهمية تعزيز القدرات الأمنية لمكافحة الإرهاب من خلال تفعيل الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتزويدها بالموارد اللازمة لمواجهة هذه التهديدات. كما يعكف المجلس على تكثيف التعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في تبادل المعلومات الأمنية وتدريب الكوادر على أحدث أساليب مكافحة الإرهاب.
في هذا الصدد، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن عن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى تعزيز المركز القانوني للدولة. وقد جاء ذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة (ربيع، 2025).
أما في ما يتعلق بالفساد، يعترف المجلس بأن هذه الظاهرة تمثل إحدى أكبر التحديات التي تواجه اليمن في مرحلة ما بعد النزاع. لذلك، يولي المجلس اهتمامًا خاصًا لتعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسات الحكومية، وتطبيق القوانين اللازمة لمكافحة الفساد في مختلف المجالات. يشمل ذلك إنشاء هيئات رقابية قوية، وتنفيذ آليات فعّالة لمراجعة وتدقيق الحسابات الحكومية، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين المتورطين في قضايا فساد، مما يعزز من الثقة في الحكومة ويضمن استخدام الموارد العامة بشكل فعّال.
إضافة إلى ذلك، يؤكد المجلس على أهمية إيقاف هدر المال العام، الذي يُعد من المسببات الرئيسية لاستمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن. لذا، يعكف المجلس على تحسين الإدارة المالية للدولة، والعمل على تحسين كفاءة استخدام الأموال العامة في المشروعات التنموية التي تعود بالنفع على الشعب اليمني.
تتمثل الاستراتيجية في تحسين الأداء الحكومي بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الموارد بشكل عادل بين مختلف المناطق. كما يتم التركيز على محاربة الفساد في القطاعات الحيوية مثل قطاع النفط والغاز، والمالية العامة، والتعليم، والصحة، ما يسهم في تقليل الفجوات الاقتصادية بين فئات المجتمع.
في هذا الإطار، يضع مجلس القيادة الرئاسي مكافحة الفساد ووقف هدر المال العام في مقدمة أولوياته ضمن استراتيجية شاملة لتحسين الأداء الحكومي وتحقيق الاستقرار الداخلي، بما يعزز من فرص النجاح في التسوية السياسية الشاملة.
علاوة على ذلك، يولي المجلس أهمية خاصة لتعزيز ثقافة النزاهة في المجتمع اليمني، ويشمل ذلك تطوير التعليم والتوعية حول قضايا الفساد وأثرها السلبي على التنمية، مما يسهم في بناء مجتمع قائم على العدالة والمساواة.
وبالمقابل، تُعتبر مكافحة الإرهاب والفساد وإيقاف هدر المال العام من الركائز الأساسية لرؤية مجلس القيادة الرئاسي، حيث تهدف إلى بناء دولة قوية ومؤسسات فعّالة قادرة على تنفيذ مشاريع التنمية المستدامة وتوفير فرص حياة أفضل لجميع اليمنيين.
10 – دعم جهود الأمم المتحدة:
يؤكد مجلس القيادة الرئاسي في رؤيته على أهمية دعم دور الأمم المتحدة في تسوية النزاع اليمني، وتوفير الدعم الفني والسياسي لتحقيق تسوية سلمية. ويشمل ذلك مساعدة الأمم المتحدة في تسهيل المفاوضات بين الأطراف اليمنية المختلفة، والعمل على إيجاد حلول توافقية تُسهم في إنهاء الصراع.
كما يضع المجلس في أولوياته دعم الجهود الأممية الرامية إلى إحلال السلام وإنهاء النزاع، بما يتماشى مع المرجعيات الثلاث المعتمدة دوليًا، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216. ويعتبر المجلس أن الأمم المتحدة، من خلال جهودها المتواصلة، تمثل الإطار الأمثل لتحقيق تسوية سلمية قائمة على الاحترام المتبادل لحقوق الإنسان، ما يؤدي إلى استعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
في هذا السياق، يعمل المجلس على تسهيل عمل المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن، وتقديم الدعم اللازم لتنفيذ برامج الإغاثة التي تساهم في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية. ويشدد على أن الدعم الدولي المقدم من الأمم المتحدة، سواء كان سياسيًا، إنسانيًا أو اقتصاديًا، يُعد من العوامل الحاسمة في إنجاح عملية التسوية السياسية وإعادة بناء الدولة اليمنية.
كما أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في كلمة اليمن أمام المناقشة العامة للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التزام المجلس بترسيخ “نهج متسق مع ميثاق ومهام الأمم المتحدة، وتسهيل عمل وكالاتها الإنسانية، وبعثاتها السياسية، وآلياتها الرقابية ذات الصلة، وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنساء، ومنع استغلال الأطفال، وتجنيدهم في الأعمال القتالية” (الأمم المتحدة، 2022).
إضافة إلى ذلك، يؤكد مجلس القيادة الرئاسي على ضرورة أن يواصل المجتمع الدولي التعاون مع الأمم المتحدة لتقديم الدعم اللازم لليمن، بما يتضمن توفير الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، وتحقيق التنمية المستدامة، ودعم جهود السلام المستمرة.
وفي هذا الصدد، دعا الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى ضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب والقرصنة، ودعم الإجراءات الرامية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، خاصة في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي وصواريخها الباليستية ودورها التخريبي في المنطقة (المصدر السابق، 2022).
بناءً على ما سبق، يمكن القول إن دعم جهود الأمم المتحدة يشكل ركيزة أساسية في رؤية مجلس القيادة الرئاسي، حيث يساهم في تعزيز السلام المستدام، ويشجع على التوصل إلى حلول توافقية تنهي النزاع وتضمن مستقبلًا أفضل للشعب اليمني.
11 – المصالحة الوطنية واستكمال مهام المرحلة الانتقالية:
تسعى رؤية مجلس القيادة الرئاسي إلى تعزيز المصالحة الوطنية بين مختلف الأطراف اليمنية، بهدف تحقيق استقرار سياسي واجتماعي. ويتطلب ذلك الوصول إلى توافقات وطنية شاملة تضمن مشاركة الجميع في بناء المستقبل، بالإضافة إلى استكمال مهام المرحلة الانتقالية التي تهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية.
تركز رؤية المجلس على خلق بيئة مواتية للحوار بين القوى السياسية والاجتماعية المختلفة، بما في ذلك الأطراف التي كانت جزءًا من الصراع. ويشمل ذلك تحقيق العدالة الانتقالية، وتوفير آليات للتعامل مع آثار النزاع، بما في ذلك معالجة قضايا المظالم التاريخية وتعويض المتضررين. كما يعمل المجلس على تعزيز ثقافة التسامح والمصالحة بين اليمنيين من خلال برامج توعية وتعليم تساهم في تحفيز المجتمع على تجاوز خلافاته والعمل معًا من أجل بناء مستقبل مشترك.
إضافة إلى ذلك، فإن المكاشفة والمصالحة الحقيقية والإنصاف أصبحت ضرورات ملحة لمستقبل اليمن أكثر من أي وقت مضى. ومن الضروري العمل على إيجاد معالجات مدروسة لمختلف الإشكالات الجوهرية، تبدأ من تشخيصها بشكل سليم وتنتهي بإيجاد حلول حقيقية ودائمة، وذلك في ضوء مبادئ عامة ومحددات جامعة لكل اليمنيين. (مواطنة لحقوق الإنسان، 2024).
وفي بيان صادر عن مجلس القيادة الرئاسي، أكد على “رسوخ التوافق في مجلس القيادة الرئاسي كحامل وطني جامع لاستكمال إدارة المرحلة الانتقالية، وتحقيق أهدافه المعلنة بموجب إعلان نقل السلطة، ونتائج مشاورات الرياض التي تؤكد محورية القضية الجنوبية وضرورة تمثيلها في مفاوضات وقف الحرب، وعملية السلام الشاملة” (الرئاسي، 2023).
وفي هذا السياق، “يجدد مجلس الأمن التأكيد على أنه من أجل استئناف عملية الانتقال السياسي السلمي في اليمن إلى دولة حكم ديمقراطي، يجب أن يقوم على أساس دستور جديد، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بطريقة شاملة تنطوي على المشاركة الكاملة لجميع التجمعات السكانية المتنوعة في اليمن، بما في ذلك جميع مناطق البلاد، والشباب، والمشاركة الفاعلة للمرأة” (صفا، 2018، 82).
وفي السياق نفسه، يجب أن نعلم “أن أي تسوية تتأسس على النموذج العراقي في البلدان المضطربة لا تحقق تكاملاً وطنياً يتأسس على دولة المواطنة، لأنه يعيد إنتاج المكونات بنسب تمثيل تعيد إنتاج ذاتها باستمرار، مما يجعل الحقل السياسي والمجتمعي هشًا، وبحاجة دائمة إلى دول راعية خارجية لاستمرار بقائه، بسبب الخوف من العودة إلى دورة احتراب جديدة” (شمسان، 2021، 39).
إلى جانب المصالحة الوطنية، يُعد استكمال مهام المرحلة الانتقالية أحد الأهداف الرئيسية لرؤية المجلس. يركز المجلس على تنفيذ بنود المرحلة الانتقالية بشكل دقيق وفعّال، من خلال تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وإنشاء مؤسسات دولة قوية قادرة على تلبية احتياجات المواطنين. تشمل هذه المرحلة تعزيز سيادة القانون، وتحقيق العدالة والمساواة بين مختلف مناطق البلاد، وضمان حقوق جميع المواطنين.
وفي السياق ذاته، يرى المجلس أن استكمال المهام الانتقالية يتطلب استمرار التنسيق بين جميع الأطراف السياسية، مع ضمان تحقيق التقدم في الملفات الأساسية مثل تشكيل حكومة شاملة، توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، وإعادة بناء البنية التحتية. ويتطلب هذا أيضًا دعمًا دوليًا مستمرًا لضمان نجاح الانتقال السياسي وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
من خلال هذه المبادئ، يهدف مجلس القيادة الرئاسي إلى تحقيق تسوية شاملة تعيد لليمن استقراره الداخلي وتعزز من مكانته الإقليمية والدولية، مما يفتح الأفق أمام المستقبل ويتيح للشعب اليمني الفرصة للعيش بسلام وكرامة.
12 – الحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال البلاد:
أحد الأهداف الرئيسية التي تشدد عليها رؤية مجلس القيادة الرئاسي هو الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله. ويشمل ذلك ضمان عدم التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للبلاد، وتحقيق التوازن بين مختلف القوى السياسية والجهوية داخل اليمن.
يُعد الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه أمرًا محوريًا في تحقيق التسوية السياسية الشاملة. ويعترف مجلس القيادة الرئاسي بأن استعادة الأمن والاستقرار في جميع المناطق اليمنية يتطلب تكثيف الجهود لتحقيق التوافق بين جميع الأطراف السياسية والاجتماعية، بما يعزز اللحمة الوطنية ويمنع أي محاولات للتقسيم أو تفكيك الوحدة الوطنية.
كما يشدد المجلس على ضرورة أن تظل السيادة اليمنية هي الأساس الذي يرتكز عليه جميع الحلول السياسية والاقتصادية المستقبلية. ويؤكد أن أي تسوية يجب أن تضمن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. وفي هذا السياق، يولي المجلس اهتمامًا خاصًا بتأمين الحدود اليمنية وتعزيز قدرة الأجهزة الأمنية والعسكرية على حماية سيادة البلاد ضد أي تهديدات، سواء كانت من أطراف داخلية أو خارجية.
ويحرص مجلس القيادة الرئاسي على أن تظل اليمن دولة ذات استقرار سياسي واقتصادي، حيث تمثل السيادة الوطنية ركيزة أساسية لأي عملية تنموية أو تسوية سياسية. وبالتالي، يتطلب الأمر تحقيق تقدم ملموس في مجالات الأمن، والاقتصاد، والعدالة الاجتماعية.
إضافة إلى ذلك، يعكس الحفاظ على وحدة وسيادة اليمن التزام المجلس بالتنسيق مع المجتمع الدولي لضمان احترام سيادة البلاد وحقوقها في إطار علاقات دبلوماسية قائمة على الاحترام المتبادل. كما يهدف المجلس إلى ضمان أن تظل اليمن دولة مستقلة في قراراتها، تحترم سيادتها في المحافل الدولية، وتعمل على بناء علاقات مستقرة وآمنة مع دول الجوار والمجتمع الدولي.
بناءً على ما تقدم، تعد رؤية مجلس القيادة الرئاسي للتسوية السياسية مرجعية هامة للحفاظ على وحدة اليمن، وتضع السيادة والاستقلال ضمن الأولويات التي تضمن للبلاد استقرارًا دائمًا ومكانة مرموقة على الساحة الإقليمية والدولية.
في الختام، يتضح أن رؤية مجلس القيادة الرئاسي للتسوية السياسية تمثل خطة شاملة وطموحة للتعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها اليمن. ويتطلب تنفيذ هذه الرؤية دعمًا داخليًا ودوليًا كبيرًا، فضلاً عن استعداد الأطراف اليمنية للعمل معًا من أجل تحقيق السلام المستدام واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
قائمة المصادر والمراجع:
أولا: المصادر:
1- presidentalalimi.net ، بيان صحفي صادر عن مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، بشأن التصريحات الأخيرة ،28 فبراير 2023، الرابط : https://presidentalalimi.net ›
2- وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، “صدور اعلان رئاسي بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي”، موقع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، أبريل 2022، الرابط : https://www.mofa-ye.org/Pages/17058/
3 – وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، ” مجلس القيادة يجدد إلتزامه بنهج وخيار السلام الشامل المبني على مرجعيات الحل السياسي”، موقع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، مارس 15, 2023، الرابط: https://www.mofa-ye.org/Pages/22888/
4 – مواطنة لحقوق الإنسان، ” وثيقة لمّ الشمل وبناء الدولة اليمنية الحديثة”، موقع مواطنة لحقوق الإنسان، 30نوفمبر/ تشرين الثاني، 2024، الرابط : https://www.mwatana.org/posts/wthyq-lmw-lshml-wbn-ldwl-lymny-lhdyth
ثانيا: المراجع:
أولا: الكتب:
١- الشلفي ،أحمد.” حرب بلا ملامح : أوراق من الحرب اليمنية 2014- 2021″ ، المكتبة التاريخية اليمنية، ط١ ، 2022.
2 – شمسان، عبدالباقي. ” اليمن صراع المصالح وفرص استعادة الدولة والسلام ” ، المكتبة التاريخية اليمنية، 2021.
3 – العثماني ، د. مشير عبد القوي.” الأمن القومي اليمني (مقاربه تطبيقية: المقومات، التهديدات، الحماية )، المكتبه التاريخية اليمنية ، ط ١ ، 2023.
ثانيا : الرسائل العلمية:
1 – الشنباري، سفيان أحمد محمود. السياسة السعودية تجاه اليمن في ضوء تحولات الحراك الشعبي (2011-2015). رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأزهر-غزة، 2016.
2 – صفا، كمال. “الأزمة اليمنية، أسبابها، أبعادها وطرق تسويتها.” الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية، الجيش اللبناني، مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، 2018.
ثالثا : المواقع الإلكترونية:
1 -اخبار اليمن الان ، “الشرعية تطلب رسميا تدخلا امريكيا عسكريا” ، 2024، الرابط: https://yemennownews.com
2- بلقيس نت ، ” المجلس الرئاسي يضع 3 شروط للمشاركة في أي حوار متعلق …”، 2024، الرابط: https://belqe.es/0d211d
3 – ربيع ،علي.” «الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات …”، الشرق الأوسط، 6 يناير 2025، الرابط : https://aawsat.com
4- Anadolu Ajansı ، ” الرئاسي اليمني”: هجمات “الحوثي” بالبحر الأحمر جمّدت تفاهمات .، 2024 ، الرابط : https://www.aa.com.tr
5 – الأحمدي، عاصم . “لجنة توحيد القوات العسكرية”.. هل تنهي حلم انفصال الجنوب ..” ، صحيفة الاستقلال ، 2022، الرابط: https://www.alestiklal.net/ar/article/dep-news-1654436159
6 – الأمم المتحدة، ” الدكتور رشاد العليمي: مجلس القيادة الرئاسي اليمني جعل خيار السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية أسمى أهدافه” ، UN News، ٢٢ أيلول/ سبتمبر ٢٠٢٢، الرابط : https://news.un.org
7- القدس العربي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: الحل في البحر الأحمر “القضاء على قدرات الحوثيين”، 27 – يناير – 2024، الرابط : https://www.alquds.co.uk
8 – اليوم السابع، ” مجلس القيادة الرئاسي اليمنى يرحب بقرار ترامب إعادة تصنيف …”، 24 يناير 2025 ، الرابط : https://www.youm7.com
9 – مركز الاتحاد للأخبار، “اليمن: إنهاء الانقلاب هدف لا رجعة عنه”، 22اغسطس 2023، الرابط : https://www.aletihad.ae
10 – مركز الروابط للدراسات الاستراتيجية والسياسية، “المجلس الانتقالي الجنوبي يقطع الطريق على دمج قواته في .” ، 12 مارس,2024 ، الرابط: https://rawabetcenter.com
11 – موقع المجهر، ” الرئاسي” يجدد تمسكه بالمرجعيات الثلاث كأساس للحل في اليمن”، 24 أبريل 2024، الرابط : https://www.almajhar.net
12 – قائد، عبدالسلام ،”استمرار فشل المجلس الرئاسي وخطورته على الدولة”، بلقيس نت، 2023، الرابط: https://belqe.es/ad8ba1
ملاحظة: هذه الكتابة تعبر عن توجهات وأفكار الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن سياسات واتجاهات المنتدى.
مـشاركة الـرابط عبر الــــــــبـرامج التالية
إرسال التعليق