جاري التحميل الآن

ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية: الرمزية الممتدة والتمسك بها في ظل القمع الحوثي – ندوة سياسية

 

ملخص عن الندوة

أقام المنتدى السياسي العربية ندوة سياسية لطلبة ودارسي العلوم السياسية بجامعة إقليم سبأ، وجاءت الندوة السياسية تزامنًا مع مرور الذكرى الـ62 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية ذات الرمزية والدلالة السياسية والتاريخية، ومحاولات “جماعة الحوثي” قمع أي مظاهر يمنية محتفية باليوم الوطني لليمنيين، وقامت باعتقال العديد من الناشطين لاحتفالهم باليوم الوطني، وما لذلك من دلالات سياسية تخبئها الجماعة، وتكونت الندوة من أربع أوراق ومحاور كالآتي:

SAVE_٢٠٢٤٠٩٢٨_٢١٠٧٤٣-300x277 ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية: الرمزية الممتدة والتمسك بها في ظل القمع الحوثي - ندوة سياسية

الورقة الأولى: الواقع اليمني في ظل الإمامة:

وتناول الورقة الأولى الوضع اليمني في ظل الحكم الإمامي قبل ثورة سبتمبر اليمنية، وتطرق إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي للشعب اليمني، والوضع الاجتماعي، وكذلك الوضع الثقافي والفكري، ووضع الحقوق والحريات العامة، وكذلك تناول الوضع السياسي للدولة في عهد الإمامة.

الورقة الثانية: بوادر وأحداث الثورة اليمنية:

وتناولت الورقة الثانية للندوة السياسية بوادر وأحداث ثورة سبتمبر اليمنية، وتطرق إلى العوامل المساعدة لقيام الثورة اليمنية ضد الإمامة، وصولا إلى قيام الثورة وتتالي أحداثها.

المحور الثالث: دلالات القمع الحوثي لمظاهر الاحتفاء بالثورة اليمنية:

بينما تناولت الورقة الثالثة القمع الحوثي لمظاهر الاحتفاء بثورة سبتمبر اليمنية ودلالات هذا القمع الذي يمثل رغبة الجماعة في إعادة النظام الإمامي واعتبار ثورة سبتمبر خصما لها، وفي المقابل دلالات الخروج الشعبي للتجمهر والاحتفاء.

الورقة الرابعة: ارتباط معركة استعادة الدولة القائمة بثورة الـ26 من سبتمبر:

ثم تناولت الورقة الرابعة ارتباط معركة استعادة الدولة القائمة بثورة 26 سبتمبر، وأوجد عوامل الارتباط بينها.

 

وبعد الانتهاء من الأوراق تخللت الندوة عدد من المداخلات القيّمة والتي أثرت محاور الندوة وأضافت إليها، وأخيرًا قدّمت الندوة توصيات عامّة عن مكانة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية والحفاظ عليها.

IMG-20240930-WA0076-1-300x133 ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية: الرمزية الممتدة والتمسك بها في ظل القمع الحوثي - ندوة سياسية

 

IMG-20240930-WA0091-300x169 ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية: الرمزية الممتدة والتمسك بها في ظل القمع الحوثي - ندوة سياسية

 

 

تقرير تفصيلي بأوراق الندوة السياسية كاملة

الورقة الأولى: الوضع اليمني في ظل الإمامة

شهدت اليمن خلال فترة الإمامة تحولا كبيراً في جوانب الحياة المختلفة، حيث كانت الإمامة نظام حكم ديني وراثي فرض هيمنته على البلاد لعدة قرون، تميزت هذه الحقبة بالصراعات الداخلية والاضطرابات السياسية، إلى جانب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي أثرت بشكل كبير على حياة اليمنيين. وكان الشعب اليمني شعبًا مسحوقًا منهكًا مسلوب الإرادة، لا يملك أمر نفسه، ومنتهك الحقوق، بل منعدم الحقوق إن صح التعبير، وكان الشعب اليمني يعيش كبروليتاريا بائسة يحركها الإمام لتعزيز سلطته السياسية والدينية، ويزداد الإمام وحاشيته ثراءا فاحشًا، وفي المقابل يزداد الشعب اليمني فقرًا وجوعًا.

فعلى سبيل المثال، في النظام الزراعي والتجاري، فإن الإمامة كانت تعتمد على نظام زراعي بدائي وتجارة محدودة، مما أدى إلى انتشار الفقر والبطالة بين عامة الشعب. كما أن التعليم والثقافة كانا محصورين في إطار ديني تقليدي، مما أعاق التقدم الفكري والثقافي. وفي ظل هذا النظام، كانت الفجوة الطبقية واسعة، حيث استأثرت النخب الحاكمة بالثروات والسلطة، بينما عانى الأغلبية من القهر والحرمان.

فعاش الشعب اليمني في شمال اليمن فقيرا جاهلا مريضا، ولم يكتفِ الإماميون بهذا بلا زادوا على ذلك أن قاموا بفرض الجبايات بطريقة جشعة تشابه جشاعة جماعة الحوثي في فرض الجبايات والغرامات اليوم دون قانون أو نظام وانما بحسب مزاج الحاكم وعامله ولجانه، فكان اليمنيون يعملون طوال وقتهم ليدفعوا الجبايات ومن لا يستطيع يتم اعتقاله واستخدامه في الأعمال الشاقة للعمل كعبيدٍ يخضعون لرحمة الإمام، ولا صوت مسموع سوى أصوات تعبيد الطريق أمام الإمامة الكهنوتية وإرغام الشعب بحتمية قدره كعبد خاضع للإمام…

وكانت اليمن طوال فترة حكمهم بلاد بلا صحافة، بلاد بلا إذاعات تلفزيونية، بلاد بلا أصوات أو نقابات أو محامين أو أساتذة أو أطباء، بلاد بلا حرية تعبير أو آراء سياسية، فكل من يبدي رأيه أو يتحدث بخصوص الدولة أو مصير البلاد أو الوضع الاقتصادي، يتم سحله وقتله دونما أي رادع…

ولم تكتفِ الإمامة بهذا، بل جعلوا الشعب اليمني يعيش في عزلة عن غيره من الشعوب العربية والإسلامية؛ في محاولة منهم لمنع انتقال أفكار ومطالب الحرية والديمقراطية إلى اليمنيين، ومنعا لليمنين من مشاهدة طرق وأساليب العيش في الدول المجاورة والبعيدة، وعملوا على منع اليمنيين من السفر إلى الخارج إلا لمن ينتمي للسلالة الحاكمة، أو مقربا منها بل كان يمنع دخول أي مواطن أجنبي إلى الداخل اليمني عدا من يحتاجهم الامام وحاشيته ؛ وذلك خوفا من تسرب الأفكار الثورية إلى الشعب والتي كانت رائجة في المنطقة العربية حينها، فانتهج

الإماميون سياسة عزل الشعب اليمني عن العالم الخارجي؛ خوفاً من امتدادها إلى اليمن وانفردت الإمامة الكهنوتية باليمنيين وأسست حكماً ثيوقراطيا تجاهل أبناء المذاهب الأخرى وكل طوائف الشعب، وأقام الإمام مملكة إقطاعية تفتقر لأبسط البنى التحتية فلا كهرباء ولا مستشفيات وعزل اليمن عن العالم الخارجي تماماً. وهنا سنبدأ أولا باستعراض الوضع الاقتصادي والمعيشي للشعب اليمني في ظل حكم الإمامة.

 

أولا: الوضع الاقتصادي للشعب اليمني اثناء الامامة: 

تركز الاقتصاد على الزراعة البدائية والتجارة المحلية، مع وجود فجوة كبيرة بين الطبقات الاجتماعية.

فمثلا كانت الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي لمعظم سكان اليمن خلال فترة الإمامة. اعتمدت الزراعة بشكل كبير على الأمطار الموسمية، مما جعل الإنتاج الزراعي غير مستقر ومعرض للجفاف والمجاعات.

لم يكن هناك استخدام للتقنيات الزراعية الحديثة، مما أدى إلى ضعف الإنتاجية. ايضاً الأراضي الزراعية كانت تُملك بشكل كبير من قبل النخب الحاكمة والمشايخ، بينما كان الفلاحون يعملون في ظروف صعبة مقابل جزء صغير من المحصول

أما التجارة فكانت محدودة ومحلية إلى حد كبير، بسبب العزلة الجغرافية والسياسية التي فرضتها الإمامة. كانت التجارة الخارجية ضعيفة بسبب غياب البنية التحتية والطرق التجارية الفعالة. في بعض الفترات، تمكن اليمن من تصدير بعض المنتجات الزراعية مثل البن، الذي كان يُعتبر من أهم المنتجات اليمنية، إلا أن عوائد هذه التجارة كانت تذهب بشكل رئيسي إلى النخب الحاكمة.

كان هناك ايضاً النظام الضريبي في اليمن أثناء فترة الإمامة يعتمد على جمع الضرائب من الفلاحين والتجار. هذه الضرائب كانت تفرض عبئًا كبيرًا على العامة، مما زاد من معاناتهم الاقتصادية. الضرائب كانت تُستخدم لتمويل نفقات الدولة والنخب الحاكمة، ولم تكن تُستثمر في تحسين البنية التحتية أو الخدمات العامة.

الفجوة الطبقية كانت واضحة بشكل كبير خلال فترة الإمامة. النخب الحاكمة كانت تستحوذ على الجزء الأكبر من الثروة، بينما كانت الأغلبية تعاني من الفقر والبطالة. هذا التفاوت الاجتماعي والاقتصادي أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية لغالبية الشعب وزيادة الفقر.

 

ثانيا: الوضع الثقافي والفكري للشعب اليمني أثناء الإمامة:

شهد اليمن خلال فترة الإمامة تحكمًا دينيًا صارمًا في مجالات الحياة الثقافية والفكرية. كانت السلطة الدينية تسيطر بشكل كبير على التعليم والفكر، مما أثر على التطور الثقافي والفكري للبلاد. غابت العلوم الحديثة والتقنيات، وتمحورت الحياة الفكرية حول التعليم الديني التقليدي.

فالتعليم خلال فترة الإمامة كان محدودًا ومتاحًا بشكل رئيسي للنخبة والذكور. كانت المدارس الدينية (الكتاتيب) والمساجد هي الأماكن الأساسية للتعليم، حيث تركزت المناهج على دراسة القرآن الكريم، الحديث، الفقه، والتفسير. لم يكن هناك اهتمام كبير بالعلوم الدنيوية كالرياضيات، العلوم الطبيعية، واللغات الأجنبية، وايضاً كانت الفنون والادب والشعر والفكر الفلسفي مكبلين بقيود دينية صارمة. مما أدى إلى ضعف في التطور الفكري والثقافي للبلاد.

واستطاعت الإمامة المتتابعة على مر مئات السنين أن تترجم المفاهيم الفكرية والثقافية للشعب اليمني وفق المنظور الإمامي الضيق، وبما يحقق مصالح الأسر الإمامية، إذ يمكن القول إن الشعب اليمني كان بعيدًا عن الثقافة الإسلامية السليمة، رغم أنه شعبٌ مسلم، إلا أنه وبسبب الإمامة، أصبح يعتنق ثقافات وقناعات خاطئة حسب مزاج الإمامة ومصالحها. إذ كانت كل ثقافة الشعب اليمني في حكم الإمامة، هي السمع والطاعة للإمام، الأرض والسياسة والدولة للإمام، الدين والإسلام يترجمها الإمام، والعادات والتقاليد يصنعها الإمام، وأن الشعب لا صفوة ولا نخبة فيه عدا حاشية الإمام.

 

ثالثا: الوضع الاجتماعي للشعب اليمني أثناء الإمامة:

كان المجتمع اليمني خلال فترة الإمامة يتسم بالطبقية الحادة والتفرقة الاجتماعية. إذ سيطر نظام الإمامة على كافة جوانب الحياة الاجتماعية، حيث لعب الدين والعادات القبلية دوراً كبيراً في تشكيل البنية الاجتماعية. هذا الوضع أدى إلى وجود تباينات اجتماعية كبيرة بين الطبقات المختلفة، أبرزها النخب الدينية والسياسية المتمثلة في الأسر الهاشمية التي كانت تحتكر السلطة الدينية والسياسية حيث كانت النخب الحاكمة والمشايخ يتمتعون بامتيازات كبيرة ، بينما كانت الطبقات الدنيا تتألف من الفلاحين والعمال الذين كانوا يعملون في ظروف قاسية ويعانون من الفقر.

كانت العادات والتقاليد التي كرسها العقل الإمامي تسيطر على الحياة اليومية للشعب اليمني. إذ كان دور المرأة في المجتمع اليمني خلال فترة الإمامة محدوداً جداً. كانت المرأة تعيش كدمية ثانوية للاستخدام الشخصي حسب المنظور الإمامي، سواء في الأسرة أو المجتمع بشكل عام. حقوق المرأة في التعليم والعمل كانت شبه منعدمة، وكانت المرأة تُعتبر جزءاً من الممتلكات العائلية. الزواج المبكر كان شائعاً، وكانت النساء محرومات من حقوقهن الأساسية في كثير من الأحيان.

أيضاً كان للعوامل الاقتصادية ثأثير على الوضع الاجتماعي، فالفقر والبطالة كانا منتشرين بشكل واسع، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية وزيادة الفجوة بين الطبقات. والضرائب الثقيلة التي كانت تُفرض على الفلاحين والتجار زادت من معاناتهم وفاقمت الأوضاع الاجتماعية.

 

رابعا: الحقوق والحريات العامة للشعب اليمني أثناء الإمامة:

كانت الحقوق والحريات العامة للشعب اليمني خلال فترة الإمامة مسلوبة ومنتهكة. إذ سيطر النظام الإمامي على كافة جوانب الحياة، مما أدى إلى تقييد الحريات الشخصية والسياسية والدينية. هذا النظام الاستبدادي لم يسمح بالكثير من الحريات التي تعتبر اليوم من أبسط الحقوق الأساسية للإنسان في ظل الجمهورية التي تكفل الحقوق للشعب اليمني بدون أي فروقات أو تمايزات.

الحريات السياسية:

لم يكن هناك مجال للمعارضة السياسية أو التعبير عن الآراء المخالفة خلال فترة الإمامة. إذ أن سيطرة الإمام كانت مطلقة، وأي محاولة للمعارضة كانت تقمع بقسوة. الأشخاص الذين حاولوا تحدي السلطة الإمامية أو انتقادها كانوا يتعرضون للاعتقال أو النفي أو حتى الإعدام.

الحريات الدينية:

على الرغم من أن اليمن كانت تُحكم بنظام ديني، إلا أن هذا النظام لم يكن متسامحاً مع جميع الطوائف والمذاهب. الإمام الزيدي كان يمثل المذهب الزيدي، وأي طائفة دينية أخرى كانت تواجه صعوبات وتحديات. إذ جعلت الإمامة التشيع الزيدي الدين الرسمي للدولة والشعب، وكانت هناك تمييزات ضد أتباع المذاهب الأخرى. واستطاعت الإمامة توظيف المذهب الزيدي بما يخدم مصالحها ويعزز سلطتها في حكم اليمنيين، وذلك بتأصيل ديني نابع من المذهب الزيدي وفق الرؤية الإمامية الاستبدادية، التي جعلت من الاستبداد وقمع الشعب وسحله، أمرا مباحًا للإمام وأصلت له تأصيلا دينيًا يوافق رغبة الإمامة ونزعاتها.

الحريات الشخصية:

كانت الحريات الشخصية كمصطلح غائب ولا يعرف عنه الشعب شيئا، إذ لم يحظَ الشعب بأساسيات العيش الكريم من أكل وشرب ولباس، ناهيكم عن التفكير بحريات شخصية.

القيود الإمامية كانت تسيطر على حياة أفراد الشعب اليمني وتقف حاجزا أمام تطلعاتهم ورغباتهم الشخصية. يمكن إجمال القول أن الحقوق الشخصية في عهد الإمامة مثل حرية التنقل، حرية التعبير، وحرية التجمع كانت منعدمة ومغيبة. إذ استطاعت الإمامة إلهاء الشعب اليمني عن حرية التعبير بالبحث عن لقمة العيش، وإذا وجد أفراد يفكرون بحرية أو يتحدثون عن حق حرية التعبيرة فإنه يتم اعتقالهم وإيداعهم في أحد سجون الإمامة. وما أكثر سجون الإمامة! حدث ولا حرج. لقد كانت السجون المخصصة للشعب اليمني، أكثر من الحدائق أو المدارس في اليمن. لقد كنّا فعلا نعيش في سجن كبير، يسيطر على مفاتيحه السجان الأكبر، وهي الإمامة البغيضة.

 

خامسا: الوضع السياسي للدولة اليمنية أثناء الإمامة:

حكمت الإمامة الزيدية اليمن لفترات طويلة، حيث كان الإمام يجمع بين السلطة الدينية والسياسية. كان النظام السياسي في اليمن أثناء فترة الإمامة نظاماً استبدادياً وراثياً يتمركز حول الإمام الذي يُنظر إليه على أنه الحاكم الشرعي والمطلق. هذا النظام عانى من صراعات داخلية وخارجية مستمرة، مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي وتدهور أوضاع الدولة.

الإمام في اليمن كان يُعتبر الحاكم الأعلى، يجمع بين السلطات الدينية والسياسية. كان يُنظر إليه على أنه “إمام الزمان”، الذي يُستمد شرعيته من النسب الهاشمي ومن دعمه للشرع الإسلامي. هذا النظام أعطى الإمام سلطات واسعة، حيث كان يتحكم في جميع جوانب الحياة السياسية والدينية. وكان نظام الحكم في اليمن أثناء الإمامة وراثياً، حيث ينتقل الحكم من الإمام إلى ابنه أو إلى أحد أفراد العائلة الهاشمية. هذا النظام أدى إلى حدوث صراعات داخل الأسرة الحاكمة، حيث كان هناك تنافس على السلطة بين أفراد العائلة.

ولم يكن هناك أي مظهر من مظاهر الحياة السياسية التي ننعم بها اليوم في ظل الجمهورية، إذ لا أحزاب سياسية، ولا جمعيات أو مؤسسات أهلية وتعمل بحرية مطلقة، لا تجمعات أو تكتلات سياسية، ولا مؤسسات مستقلة للدولة، ولا جيش مستقل، ولا مشاركة سياسية في صنع القرار وتحديد المصير، سواء في انتخابات للحاكم أو انتخابات برلمانية، أو حتى انتخابات محلية. كل هذه المظاهر السياسية كانت غائبة في الوضع السياسي اليمني في ظل حكم الإمامة البائسة.

الوضع السياسي الاستبدادي الذي كرسته الإمامة، أدى لغياب الاستقرار في البلاد طوال فترات حكم الإمامة، فعلى سبيل المثال قامت العديد من الصراعات المسلحة والحروب في اليمن، إذ رفض اليمنيون الاستبداد الإمامي والرؤية الإمامية لليمنيين وكأنهم عبيد لهذه “السلالة الطاهرة” وقاموا بالدفاع عن أنفسهم، فنشبت العديد من الصراعات المسلحة، ومن أمثلتها انتفاضة المقاطرة في تعز 1918م، وبعدها جاءت انتفاضة صبر في تعز في 1919م، ولم يتوقف الأمر عن هذا، إذ وبنفس العام قامت انتفاضة العقاب في محافظة إب في 1919م، وكذلك انتفاضة القحرى في تهامة 1919م، وتوالت الانتفاضات فقامت انتفاضة القبيطة في تعز في 1920م، وانتفاضة قبيلة حاشد وبكيل في 1920م، وكذلك انتفاضة وصاب في ذمار في 1920م، وانتفاضة الزرانيق في تهامة في 1928م، وكذلك انتفاضة قبيلتي مراد وعبيدة في مأرب 1931م، وتحولت الانتفاضات بالطريقة التقليدية إلى ثورات منظمة، كثورة الدستور في 1948م التي أسفرت عن مقتل الإمام يحيى حميد الدين، ومحاولة إسقاط الإمامة في 1955م، ومحاولة اغتيال الإمام أحمد في 1961م.

كل هذه الانتفاضات والثورات بهذا العدد الهائل، كانت نتاجًا للحياة السياسية التي فرضتها الإمامة على اليمنيين، وتدل على رغبة ملحة للشعب اليمني في التحرر من قيود النظام الإمامي، وهذا ما كان لهذا الشعب بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المباركة.

حرصت أن أقدم لك نبذة عن واقع حياة الشعب اليمني في ظل الإمامة البائسة، بمختلف جوانبها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي والحقوق والحريات، والوضع المتردي الذي تم استعراضه في هذه الورقة، يوحي وبشكل واضح عن دوافع قيام الثورة اليمنية التي انتشلت حقوق اليمنيين، وأصبحت الحدث الأهم في تاريخ الشعب اليمني في شمال اليمن، وجعلت الشعب اليمني يحتفي بذكرى الثورة المباركة في أنحاء الجمهورية، رغم القمع الحوثي والاعتقالات والترهيب الذي يمارسه ضد أي مظاهر أو بوادر تحاول الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر المباركة، وهو ما يظهر أن المليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني انحازت لصف الإمامة في مجابهة الصف الجمهوري الكبير، وذلك بمنعها وقمعها للاحتفاء بذكرى ثورة سبتمبر المجيدة؛ لأنها كجماعة مارقة وإمامية محدثة تشعر أن ثورة سبتمبر خصمًا لها وقامت ضدها.

 

 

الورقة الثانية: بوادر وأحداث الثورة اليمنية

قبل الخوض في الثورة اليمنية وبوادرها، يجدر بنا الحديث بإطلالة سريعة عن اليمن، هذا البلد الذي يختزل في تاريخه آلاف السنين من الحضارة، شهد على مر العصور لحظات عظيمة وصعبة، مليئة بالتحديات والصراعات. واليوم نحن هنا لنقف عند واحدة من أبرز محطاته التاريخية؛ محطات الثورة والتحرر بدءا من ثورة 1948، مرورًا بثورة 1955، ثم التمردات اللاحقة، وصولًا إلى ثورة 26 سبتمبر 1962، والتي كانت بمثابة تتويج لسنوات من النضال الثوري. واجهت الثورة تحديات كبيرة وحربًا أهلية استمرت حتى كسر حصار السبعين في عام 1968، والذي كان نقطة تحول في مسار الجمهورية اليمنية. إذا تأملنا جيداً في مسار تلك الثورات، نجدها لم تكن فقط محاولات لتغيير النظام السياسي، بل كانت صرخة نابعة من عمق الشعب اليمني، تُعبّر عن شوقه إلى الحرية والعدالة، وعن حلمه ببناء دولة عصرية قوية.

فمن هنا، ومن هذا المكان، أدعوكم أن نتأمل معاً تلك اللحظات التاريخية، ونتعرف على الدروس والعبر التي يمكن أن نستقيها منها في حاضرنا ومستقبلنا.

عاش اليمن في ظل حكم الأئمة فترة طويلة من الزمن، تميزت بالاستبداد والقمع الذي طال مختلف فئات المجتمع اليمني. أدى هذا الحكم إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، حيث احتكر الأئمة الثروات والسلطات، مما جعل الشعب يعيش في فقر وجهل مدقع. تزايدت مظاهر الاستبداد وتدهورت الأوضاع، مما دفع عددًا من القادة والمثقفين والقبائل إلى التفكير في التمرد على هذا النظام ومحاولة تغيير.

بالتحدث عن بوادر الثورة اليمنية ثم أحداثها، سأقسم الحديث إلى خمس نقاط أو مراحل لإثراء موضوع المحور والإلمام به.

 

أولا: الأوضاع المعيشية في ظل حكم الإمامة ودوافع الثورة

عانت اليمن في ظل حكم الأئمة من فقر مدقع وتهميش كبير، حيث كان الحكام يتحكمون بالموارد الاقتصادية ويستغلون المواطنين البسطاء من خلال فرض ضرائب مجحفة. كانت الدولة تعتمد على استنزاف الموارد الزراعية، وفرض الجبايات على التجار والمزارعين، ما أدى إلى تفشي الفقر والجوع بين عامة الشعب. بالإضافة إلى ذلك، كانت البلاد تعيش حالة من التخلف العلمي، حيث كانت فرص التعليم محدودة ومقتصرة على فئة معينة من أبناء الأعيان. هذا الاستبداد وتدهور الأوضاع المعيشية، دفعت العديد من أبناء القبائل والضباط الوطنيين للتفكير في التمرد على هذا النظام.

برزت شخصية علي ناصر القردعي، الذي كان من أوائل الشخصيات التي نادت بالتغيير، وبدأ بتشكيل حركة مقاومة مسلحة ضد الأئمة، وكان اغتياله للإمام يحيى بمثابة بداية للثورات التي ستشهدها اليمن لاحقًا.

 

ثانيا: ثورة 1948 وبداية التمرد على الإمامة:

بدأت ثورة 1948 بقيادة عبد الله الوزير الذي كان يرى أن البلاد بحاجة لنظام دستوري يحترم حقوق المواطنين ويضمن تداول السلطة. وتعاون الوزير مع عدد من المشايخ والضباط الأحرار لتنفيذ خطة اغتيال الإمام يحيى حميد الدين في صنعاء.

في فبراير 1948، نجح علي ناصر القردعي في اغتيال الإمام يحيى، وتم إعلان الحكومة الدستورية بقيادة عبد الله الوزير. ولكن لم تدم هذه الحكومة طويلا، حيث تحرك الإمام أحمد بن يحيى، نجل الإمام المقتول، بسرعة لاستعادة الحكم.

استطاع الإمام أحمد خلال أسابيع قليلة إعادة السيطرة على العاصمة صنعاء بدعم من القبائل الموالية له، وقام بإعدام معظم قادة الثورة، بما فيهم عبد الله الوزير. أما علي ناصر القردعي، فقد استشهد أثناء مواجهات مع قوات الإمام في منطقة شبام كوكبان، ليُعتبر شهيدًا للثورة ونموذجًا للتضحية في سبيل التغيير

 

ثالثا: ثورة 1955 والمحاولة الانقلابية على الإمام أحمد:

لم تلبث الأوضاع أن تهدأ حتى اندلعت ثورة جديدة في عام 1955، عندما قاد المقدم أحمد الثلايا حركة انقلابية ضد الإمام أحمد في مدينة تعز. ونجح الثلايا في السيطرة على المدينة واحتجاز الإمام لفترة قصيرة، لكنه لم يستطع الحصول على دعم كامل من القبائل والمناطق الأخرى.

وحاول الثلايا إقناع القوات الموالية للإمام بالانضمام إلى صفوف الثورة، إلا أن تحركاته لم تحظَ بالدعم الكافي، وبدأت قوات الإمام بالتقدم نحو تعز بمساعدة بعض القبائل. انتهى هذا الانقلاب بالفشل، حيث تمكن الإمام أحمد من السيطرة مجددًا على تعز، وتم القبض على الثلايا وعدد من رفاقه وإعدامهم.

كان لهذا الحدث تأثير كبير على اليمنيين، حيث أظهر ضعف النظام الإمامي في مواجهة التمردات المتتالية، ولكنه أظهر أيضًا أن الشعب بحاجة إلى قيادة أكثر تنظيمًا وقوة لتحقيق أهدافه.

 

رابعا: تمرد 1959 والتمهيد لثورة 1962م:

شهد عام 1959 تمردًا آخر ضد الإمام أحمد، قاده هذه المرة مجموعة من الضباط الشبان الذين رأوا أن الإصلاحات التي وعد بها الإمام لم تتحقق، وأن الأوضاع المعيشية والسياسية تزداد سوءًا. كان علي عبد المغني من أبرز الضباط الذين شاركوا في هذا التمرد، وبدأت تحركاتهم في المناطق الشمالية من اليمن، محاولين السيطرة على حجة وعدد من المدن الأخرى.

لكن القوات الإمامية كانت لا تزال قوية، واستطاعت قمع هذا التمرد بعد معارك دامية. استشهد علي عبد المغني أثناء المواجهات في إحدى المعارك على مشارف مدينة حجة، ليصبح رمزًا وطنيًا للشجاعة والإقدام

 

خامسا: ثورة 26 سبتمبر 1962 والحرب بين الجمهوريين والملكيين (1962-1968م):

توفي الإمام أحمد في عام 1962، وتولي الإمام البدر الحكم، وكانت اليمن على أعتاب ثورة جديدة. وفي ليلة 26 سبتمبر 1962، قاد الضباط الأحرار بقيادة عبد الله السلال هجومًا على قصر الإمام في صنعاء، وأعلنوا سقوط النظام الإمامي وقيام الجمهورية اليمنية.

وبعد نجاح الثورة، أُعلن عبد الله السلال رئيسًا للجمهورية اليمنية. وسرعان ما بدأت القوات الملكية، الموالية للإمام البدر، بشن هجمات على مواقع الجمهوريين لاستعادة السلطة. كان الجمهوريون يتلقون دعمًا عسكريًا ولوجستيًا كبيرًا من مصر، فيما تلقى الملكيون دعمًا من السعودية والأردن.

ثم دارت معارك ضارية بين الطرفين في مناطق صنعاء، تعز، وصعدة. كانت السيطرة تتأرجح بين الطرفين، مما أدى إلى إطالة أمد الحرب. وفي 1967، فرضت القوات الملكية حصارًا على العاصمة صنعاء، في محاولة أخيرة لإسقاط النظام الجمهوري.

وبعد أن وصل الأمر بالجمهوريين للوقوع في حصار السبعين (1967-1968):

استمر حصار السبعين مدة سبعين يومًا على العاصمة صنعاء، حيث حاصرت القوات الملكية المدينة من جميع الجهات، مانعة دخول الإمدادات الغذائية والطبية. وكانت القوات الجمهورية بقيادة حسن العمري وعبد الرقيب عبد الوهاب في وضع دفاعي، يعاني السكان من نقص شديد في الغذاء والماء، لكن معنوياتهم ظلت عالية. وفي بداية عام 1968، بدأ الجمهوريون بتنسيق هجوم مضاد لكسر الحصار. قاموا بتنظيم صفوفهم وشنّ هجمات مباغتة على مواقع القوات الملكية، مستعينين بالدعم القبلي من المناطق المجاورة لصنعاء.

انتهى الأمر بكسر الحصار ونهاية الحرب الأهلية:

ففي فبراير 1968، نجحت القوات الجمهورية في كسر حصار السبعين بشكل كامل بعد معارك شرسة، حيث تمكنت من طرد القوات الملكية وإجبارها على الانسحاب.

كانت هذه المعركة نقطة تحول حاسمة، أدت إلى تراجع الملكيين وبدء محادثات لوقف القتال.

 

خاتمة:

الثورات المتتالية التي شهدتها اليمن، بدءًا من 1948 وحتى كسر حصار السبعين في 1968، لم تكن مجرد تحركات عسكرية، بل كانت تعبيرًا عن رغبة شعبية جامحة للتخلص من الظلم والاستبداد. لقد شكلت هذه الثورات ملامح اليمن الحديث، وأفرزت قيادات كان لها الفضل في إقامة النظام الجمهوري والحفاظ عليه. الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حرية اليمن، كعلي ناصر القردعي، أحمد الثلايا، علي عبد المغني، وعبد الرقيب عبد الوهاب، سيظلّون رموزًا خالدة في ذاكرة الشعب، بعدما رسموا بدمائهم طريق التحرر والاستقلال، وصولًا إلى النظام الجمهوري المستقر.

 

 

الورقة الثالثة: دلالات القمع الحوثي لمظاهر الاحتفاء بثورة سبتمبر:

تُعتبر ثورة 26 سبتمبر 1962 أحد المعالم البارزة والمهمة في تاريخ اليمن، حيث أسفرت عن الإطاحة بالنظام الإمامي وإعلان الجمهورية. إلا أن الاحتفال بهذه الثورة أصبح خلال السنوات الأخيرة مستهدفاً من قبل جماعة الحوثي، التي تسعى لفرض سطوتها ونشر رؤيتها السياسية على المجتمع اليمني. في هذه الورقة، سنناقش الدلالات وراء القمع الحوثي لمظاهر الاحتفاء بثورة سبتمبر، وسنستند إلى ثلاث نقاط رئيسية: أولاً، شعور الحوثيين بأنهم المستهدفون من الثورة، ثانياً، الرؤية الحوثية لإعادة الإمامة، وثالثاً، دلالة الخروج الشعبي للاحتفاء بالثورة رغم القمع.

 

أولا: الحوثيون وثورة 26 سبتمبر:

“إن الاحتفال بذكرى 26 سبتمبر يرمز إلى قيم الدولة والقيم الجمهورية التي تتعارض مع المشروع الحوثي الذي يسعى لعودة الإمامة وظلامها وغطرستها، وفرض نظام طائفي يستند إلى ولاية الفقيه وتقديس الرموز الدينية الايرانية، لذلك، تحاول المليشيا قمع هذه الاحتفالات، لأنها ترى في الثورة تهديدا لمشروعها الساعي إلى إعادة نمط الحكم الإمامي بواجهة جديدة، ولتجنب إثارة المشاعر المعارضة والنزعة الجمهورية لدى ابناء شعبنا اليمني

إن الاحتفال بثورة 26 سبتمبر له مدلولات سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية، إلى الجانب السياسي تتعارض كلياً مع مليشيا الحوثي، فعلى المستوى الثقافي تسعى مليشيا الحوثي لفرض هوية ثقافية تتناسب مع أيدولوجيتها، بما في ذلك الترويج للولاء للولاية الإمامية والولي الفقيه في ايران، بينما تمثل 26 سبتمبر رمزا للثقافة الوطنية اليمنية العربية والتحرر من الحكم الإمامي الكهنوتي، كما تسعى مليشيا الحوثي لتغيير المناهج التعليمية لطمس ذكرى الثورة وتوجيه الأجيال الجديدة نحو قبول أيدولوجيتها المتطرفة، والاحتفال بالثورة يعيد تذكير الناس بتاريخهم وهويتهم الثقافي.

إنّ منع جماعة الحوثي الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر يدل على حساسية واضحة حيال تلك الثورة، حيث تشير الدلائل إلى أن الحوثيين يشعرون بأنهم المستهدفون من هذه الثورة، التي تعتبر بمثابة خصمهم وعدوهم اللدود. تتجلى هذه المشاعر من خلال اعتقالات واسعة لمعارضيهم، حيث تم اختطاف أكثر من 50 شخصًا من ناشطين وإعلاميين وداعين للاحتفال. يتضح أن السلوك القمعي يعكس وعي الحوثيين بأن الاحتفالات بثورة 26 سبتمبر تبرز الذاكرة الوطنية التي تتعارض مع سردهم السياسي.

– القمع كإشارة للتهديد:

يعتبر القمع الحوثي للاحتفاء بثورة سبتمبر مؤشراً واضحاً على إدراك الجماعة بأنها تمثل عدوًا تاريخيًا لتلك الثورة. فعندما يقوم الحوثيون بمنع هذه الاحتفالات أو تقليصها، فإن ذلك يدل على شعورهم بالتهديد الوجودي من هذه الثورة التي أفضت إلى نظام جمهوري تتناقض مبادئه ومعارضة الحوثيين.

منذ انطلاق الحركة الحوثية، كانت هناك محاولات موصولة لطمس الهوية الوطنية التي تروج لها ثورة سبتمبر. الحوثيون يرون أن هذه الثورة تمثل قيمًا ودعائم الديمقراطية والحكم الرشيد التي تشكل تحدياً لنهجهم الاستبدادي. إن الهجوم على ذكرى هذه الثورة يُظهر بوضوح أن الحوثيين يعتبرونها رمزًا للهوية الوطنية، وأن القمع المرصود هو محاولة لإسكات أي صوت قد يصب في مصلحة الجمهورية.

– الانتقام من التاريخ:

تتجلى مشاعر الحوثيين في محاولاتهم المستمرة لتشويه تاريخ الثورة وحقن السردية الإمامية في التعليم ووسائل الإعلام. تصرفات الحوثي تؤكد رغبتهم في إلغاء كل ما يتعلق بالقيم الجمهورية والإبقاء على قوة السلطة المركزية، مما يسبب انقسامًا في المجتمع.

 

ثانيا: الرؤية الحوثية للعودة إلى النظام الإمامي:

– استعادة الإمامة في الحكم

تمثل جماعة الحوثي نزعة عميقة الجذور نحو العودة إلى النظام الإمامي في اليمن. إن فكرة إعادة الإمامة تتجاوز مجرد السيطرة السياسية إلى محاولة لإعادة هيكلة الدولة اليمنية بما يتناسب مع القيم والمفاهيم الإمامية. ومن هنا، يتضح أن الحوثيين لا يرغبون فقط في إرساء حكمهم، بل يسعون أيضاً إلى إعادة إحياء تاريخ مضى.

إن المنع الصارم للاحتفاء بثورة سبتمبر يدل على سعيهم لنشر رؤيتهم السابقة والماضي في الحكم، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب سلبية على مستقبل اليمن ووحدته الوطنية. الحوثيون يرون في الاحتفاء بالثورة تهديدًا لمشاريعهم الطموحة في إعادة رسم هوية الدولة اليمنية.

– حرب ثقافية وصراعات رمزية:

تحاول جماعة الحوثي تصوير نفسها كقوة تحارب لعنفوان الأمة اليمنية، مما يقود إلى إحباط أي محاولة للعودة إلى الاحتفاء بثورة سبتمبر. إن الصراع الحوثي على هذه الرموز الوطنية يعد بمثابة حرب ثقافية تعكس رغبة الجماعة في السيطرة على الفضاء العام، وهو ما يتطلب من العرب التعبئة ضد هذا النوع من القمع

كما أثبتت هذه المحاولات الفاشلة صمود الشعب اليمني وتصديه لكل المؤامرات التي تستهدف نسيجه الاجتماعي وتنوعه الثقافي وتحاول النيل من مقدرات ومنجزات ثورته السبتمبرية ورفضه الصريح للانقلاب وسعيه لعودة الدولة ومؤسساتها التي عطلتها الميليشيات.

وحول الشعب اليمني هذه الذكرى الخالدة إلى مناسبة يجدد من خلالها كل عام التأكيد على رفضه القاطع لسلطة ميليشيا الحوثي الإرهابية المستمدة من أجندة إيران، وعدم الاعتراف بأي مشاريع دخيلة تستهدف انتماءه العربي والإسلامي وتعيده إلى زمن العبودية والاستبداد.

ولعل الاحتفالات الشعبية العفوية التي شهدتها العاصمة المختطفة صنعاء والمناطق القابعة تحت سيطرة المليشيات بهذه المناسبة العام الماضي وما اعقبها من أعمال قمع واعتقالات للمحتفلين أكبر دليل على الصراع الذي يعيشه أبناء الشعب اليمني مع الإمامة الجديدة دفاعاً عن الجمهورية وثورتها الخالدة.

ويعكس هذا الزخم الجماهيري، الحنين السائد لدى اليمنيين خصوصاً في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية الى استعادة الدولة وتوقهم للخلاص من نير الإماميين الجدد الذين يتقمصون اليوم ذات النهج ونفس الأدوات التي بدأت بأنظمة الجباية والرهائن، والنهب مروراً بالتمييز والعنصرية السلالية الأكثر فجاجة، والانتهاكات الأشد فظاعة على مر العصور

 

ثالثا: الوعي الشعبي ومقاومة القمع الحوثي:

– الوعي الشعبي المتزايد

على الرغم من القمع الحوثي، نجد أن خروج الشعب اليمني للاحتفاء بثورة سبتمبر هو دلالة واضحة على تصاعد الوعي الوطني. يتمثل هذا الوعي في رغبة الشعب في العودة إلى الأمة واحتضان قيم الجمهورية، وهو ما يُعزز فكرة أن الأحداث التاريخية لا تُمحى بسهولة.

تتجلى هذه المقاومة في الحملات المكثفة لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي شهدت نشر صور ومقاطع تتعلق بالاحتفاء بثورة سبتمبر وما تعنيه من قيم واضحة. بدلا من قمع الأصوات، فإن الشعب يشعر بمسؤوليته التاريخية في الاحتفاظ بتلك القيم.

– الخروج الجماهيري كفعل مقاوم

عندما يخرج الناس للاحتفاء بثورة سبتمبر، فإنهم يعلنون بشكل عملي رفضهم للهيمنة الحوثية وسعيهم لتأكيد هويتهم الثقافية والاجتماعية. إن هذه الأنشطة تُظهر للرأي العام المحلي والدولي أن هناك مباشرة للتفاعل مع مسألة الحفاظ على الهوية الوطنية

– الشعور بالخطر الذي يتهدَّد النظام الجمهوري

بفعل استمرار سيطرة جماعة الحوثي على عدد واسع مِن المناطق، وفرض هدنة سياسية منذ شهر أبريل الماضي، تُظهِر الحوثيين ومشروعهم وكأنَّه الطَّرف المنتصر؛ وفي المقابل تعدُّد التحدِّيات التي تواجهها السلطة الشرعية والاختلالات التي تعاني مِنها ما يلمسه المواطنون مِن جهود للحوثيين لإلغاء ذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتشويهها، والتعريض به، والادِّعاء بأنَّه جرى حرفها عن مسارها، وسعيهم المتواصل لوأد النظام الجمهوري، والتمكين لرؤيتهم في الحُكم، والقائمة على نظرية (الولاية) التي تمايز بين اليمنيين على اُسس سُلالية، وتحرم غالبيتهم مِن الوصول إلى المواقع القيادية في الدَّولة التذمر من استجلاب الحوثيون لمناسبات احتفالية خاصَّة بهم، وتوجيه موارد الدولة وإمكاناتها لحشد الناس للمشاركة فيها؛ وهي في معظمها مناسبات طائفية. ومِن تلك المناسبات: الاحتفاء بيوم الغدير، وذكرى استشهاد الحسين، واستشهاد الإمام زيد، وذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وذكرى مولد فاطمة، ويوم القدس العالمي (الذي سنَّه نظام الخميني في إيران)، وقدوم الهادي يحيى بن الحسين. والبعض الآخر مِنها انقسامي، مثل: يوم الشهيد، ومقتل حسين بدر الدين الحوثي.. إلخ. وغالبًا ما يخلق الاحتفاء بهذه المناسبات احتقانًا واستفزازًا لقطاع واسع مِن اليمنيين، بسبب طبيعتها الانقسامية أو الطائفية، مِن جهة، وحجم ما يُصرف عليها مِن مواردـ، مِن جهة أخرى، في الوقت الذي يعاني غالبية اليمنيين مِن البؤس والحرمان اعتبار الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر شكل مِن أشكال مقاومة انقلاب الحوثيين، ورفضا لسلطتهم، كم أنَّها ردٌّ شعبي على أسلوب إدارة الحوثيين للدولة، والذي يقوم على تمكين فئة بذاتها (الهاشميين) مِن المواقع القيادية العليا في الدَّولة، ومِن مواردها الحيوية، مع تهميش واقصاء غالبية المواطنين

تحوُّل جماعة الحوثي إلى سلطة جباية تستنزف أموال اليمنيين، وتسيطر على الأوعية المالية في الدَّولة والمجتمع، وترفض في نفس الوقت تسليم مرتَّبات وأجوار العاملين في الوظائف الحكومية، منذ ما يقارب سبع سنوات ترافقت ذكرى ثورة 26 سبتمبر في العامين الأخيرين مع تنظيم الحوثيين٠ لعرض عسكري كبير، في يوم 21 سبتمبر، في رسائل توحي بتعاليهم واستمرار اعتمادهم على القوَّة في السيطرة على البلاد، وإدارتها، وهو ما يستفز اليمنين، ويدفعهم للالتفاف بشكل أكبر حول ثورة الـ 26 من سبتمبر والنظام الجمهوري

 

خاتمة:

يتضح أن القمع الحوثي للاحتفال بثورة 26 سبتمبر ليس مجرد حدث عابر، بل يعكس عمق الصراع على الهوية الوطنية في اليمن. إن رفض الحوثيين للاحتفال بهذه الثورة يعكس رغبتهم في فرض رؤية سياسية وثقافية بديلة تتنافى مع تطلعات الشعب اليمني. إن استمرار المقاومة الشعبية للاحتفال بثورة 26 سبتمبر يؤكد حيوية هذه الثورة في ذاكرة اليمنيين. لذا، يجب على المجتمع الدولي دعم هذه المقاومة السلمية وتوفير الحماية للمدنيين، والعمل على إيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية يضمن حقوق جميع اليمنيين. كما أن هذه المقاومة تشكل تحدياً كبيراً لمشروع الحوثي، وتؤكد على أهمية الحفاظ على القيم الجمهورية والديمقراطية.

 

 

الورقة الرابعة: ارتباط معركة استعادة الدولة القائمة بثورة 26 سبتمبر:

في هذه الورقة التي هي بعنوان ارتباط معركة استعادة الدولة القائمة بثورة 26 سبتمبر، نذكر أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، والدوافع الرئيسية لاستعادة الدولة، وعوامل الارتباط بين ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومعركة استعادة الدولة القائمة، وواجب ومسؤولية المجلس الرئاسي اليمني تجاه ثورة 26 سبتمبر 1962م.

قبل أن نوضح عوامل الارتباط بين ثورة 26 سبتمبر ومعركة استعادة الدولة نلوح أولا حول اهداف ثورة 26 سبتمبر والأسباب الرئيسية لمعركة استعادة الدولة ثم ننتقل بكم الى عوامل الارتباط بينهما ونختم هذا المحور بالمكاسب التي حققتها الشرعية خلال هذ الفترة.

في فجر يوم 26 سبتمبر 1962، انطلق في اليمن صوت الحرية مدويًا، ليعلن نهاية حقبة من الظلم والجهل والتخلف تحت حكم الإمامة الذي استمر لقرون، وبدء عصر جديد يعيد لليمنيين كرامتهم وحقهم في تقرير مصيرهم. كانت ثورة 26 سبتمبر نقطة تحول تاريخية، ليست فقط لليمن، بل للمنطقة بأسرها، حيث أضاءت شعلة التغيير والنهضة في أرض العرب، وأسست لجمهورية تهدف إلى بناء وطن يسوده العدل والمساواة.

ثورة سبتمبر لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت حلمًا طويلًا للشعب اليمني في الخلاص من الاستبداد وبناء دولة حديثة تعتمد على المشاركة الشعبية والحكم العادل. كانت لحظة فاصلة بين الماضي المظلم والمستقبل المشرق الذي حمل آمال أجيال بأكملها.

 

أولا: أهداف ثورة 26 سبتمبر:

1.التحرر من الاستبدادي والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.

2.بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.

3. رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعياً وسياسياً وثقافياً.

4.إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل، مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف.

5.العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.

6.احترام مواثيق الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي، وعدم الانحياز، والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم.

كانت هذه الأهداف بداية جديدة ليمن يحلم بالتقدم والازدهار، وما زالت روح ثورة سبتمبر تلهم اليمنيين اليوم في سعيهم نحو استعادة دولتهم ومواصلة مسيرة البناء.

 

ثانيا: الدوافع الرئيسية لمعركة استعادة الدولة:

معركة استعادة الدولة في اليمن هي صراع ضروري ينبع من الأوضاع السياسية، الاجتماعية، والعسكرية التي تمر بها البلاد منذ الانقلاب الحوثي عام 2014، عندما سيطرت جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء وأجزاء كبيرة من اليمن بالقوة. ومن الأهداف الرئيسة للمعركة القائمة الآتي:

1. استعادة الشرعية: في عام 2014، قام الحوثيون بانقلاب على الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي، الذي تم انتخابه وفقًا لمبادرة انتقالية بعد الثورة اليمنية عام 2011. منذ ذلك الحين، أصبحت الحكومة الشرعية معترف بها دوليًا تسعى لاستعادة سلطتها على كامل الأراضي اليمنية.

2. مواجهة الانقلاب الحوثي: جماعة الحوثي، المدعومة من النظام الإيراني، أقاموا سلطتهم على مناطق واسعة في اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء. المعركة تهدف إلى مواجهة هذه الجماعة التي تحاول إعادة إحياء نظام إمامي شبيه بما كان قائمًا قبل ثورة 26 سبتمبر 1962، والذي يقوم على التمييز والسيطرة الدينية والسياسية.

3. حماية وحدة اليمن: اليمن يشهد انقسامات داخلية بين مختلف الأطراف، بما في ذلك الحوثيين في الشمال وبعض الحركات الانفصالية في الجنوب. معركة استعادة الدولة تهدف إلى منع تقسيم البلاد والحفاظ على وحدتها الجغرافية والسياسية.

4. تحقيق الاستقرار والأمن: سيطرة الميليشيات والجماعات المسلحة على أجزاء من اليمن تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار الفوضى والعنف. استعادة الدولة تهدف إلى إعادة الأمن والاستقرار للبلاد، ووقف العنف الذي يعاني منه اليمنيون يوميًا.

5. الاستجابة لإرادة الشعب: الشعب اليمني يسعى إلى دولة قانون وديمقراطية تحترم حقوقه الأساسية، وهو ما تم إجهاضه بعد انقلاب الحوثيين. معركة استعادة الدولة تُعبر عن رغبة الشعب في العودة إلى المسار الديمقراطي، والحصول على حقوقه في العيش بكرامة وسلام.

 

ثالثا: عوامل الارتباط بين ثورة 26 سبتمبر ومعركة استعادة الدولة اليمنية:

تتمثل في العديد من الجوانب التاريخية والسياسية والاجتماعية، والتي تُظهر تواصلا بين النضال اليمني لبناء دولة حديثة ومتجددة. يمكن تلخيص هذه العوامل في النقاط التالية:

1. الهدف المشترك: التحرر من الاستبداد: في ثورة 26 سبتمبر، كان الهدف الأساسي هو التحرر من حكم **الإمامة الملكي** الذي كان قائمًا على نظام استبدادي وتقليدي، وإقامة **دولة جمهورية** تعتمد على النظام المدني والمساواة والعدالة. اليوم، معركة اليوم تركز أيضًا على التحرر من **الجماعات المسلحة** التي تحاول السيطرة بالقوة.

2. الصراع ضد الأنظمة التقليدية: ثورة 26 سبتمبر كانت ثورة على النظام الإمامي الذي كان يعيق التقدم والتحديث في اليمن، وهي نفس القوى التقليدية التي يتم استحضارها اليوم في الصراع مع **جماعة الحوثيين** الذين يتبنون بعض الأفكار والرموز التي تعود للإمامة السابقة. المعركة الحالية تهدف إلى إقامة نظام حديث ومدني مشابه لما كان يطمح إليه الثوار في 1962.

3. الوحدة الوطنية والشرعية: الثورة سعت إلى توحيد اليمن تحت راية الجمهورية، وهي نفس الروح التي يُنادي بها المدافعون عن الدولة الحديثة اليوم، حيث يرون في استعادة الشرعية وسيلة للحفاظ على وحدة البلاد ضد الانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية.

4. الطموح لبناء دولة حديثة: الثورة كانت تهدف إلى بناء دولة حديثة تعتمد على المؤسسات المدنية، وهذا الطموح ما زال قائمًا في معركة استعادة الدولة اليوم، حيث يسعى المدافعون عن الشرعية إلى بناء دولة تعتمد على مؤسسات ديمقراطية قوية وتحقق التنمية والعدالة. بالتالي، يرتبط الصراع الحالي بشكل مباشر بأهداف ومبادئ ثورة 26 سبتمبر التي أرست الأساس لتحرر اليمن من الأنظمة التقليدية والسعي نحو بناء دولة حديثة قائمة على المساواة والعدالة الاجتماعية.

5. الرمزية الوطنية لثورة 26 سبتمبر: ثورة 26 سبتمبر أصبحت رمزًا وطنيًا للتحرر في اليمن، فهي تمثل نقطة التحول من العصور القديمة والمظلمة إلى بداية عصر جديد قائم على الجمهورية والعدالة.

وفي السياق المعاصر، فإن ذكرى 26 سبتمبر تظل رمزًا في اليمن للصراع المستمر من أجل الحفاظ على الدولة واستعادتها من الفوضى أو التدخلات الخارجية، خاصة في ظل النزاع الحالي في البلاد ومحاولة إعادة بناء الدولة اليمنية بعد الحرب.

 

رابعا: واجب ومسؤولية المجلس الرئاسي اليمني تجاه ثورة 26 سبتمبر 1962م:

تتلخص في الحفاظ على مبادئ وأهداف الثورة، التي قامت من أجل إنهاء النظام الإمامي الاستبدادي وبناء دولة حديثة تقوم على العدالة والمساواة والحرية. مع استمرار النزاع الحالي في اليمن، تعزز أهمية هذه المسؤولية، وتبرز في عدة جوانب:

1. الحفاظ على الجمهورية ومكتسبات الثورة: أي التصدي لأي محاولات لإعادة النظام الإمامي أو أي شكل من أشكال الحكم الاستبدادي الذي يسعى للتحكم في اليمن خارج إطار الجمهورية.

2. الدفاع عن وحدة اليمن: ثورة 26 سبتمبر هدفت إلى بناء يمن موحد، ومواطنو اليوم عليهم مسؤولية الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية والتصدي لأي محاولات لتقسيم البلاد أو إضعافها.

3. دعم الشرعية وإعادة بناء الدولة: دعم الشرعية الدستورية التي تمثل الاستمرار الطبيعي لمكتسبات الثورة، من خلال مساندة الجهود الوطنية لاستعادة الدولة ومؤسساتها من سيطرة الميليشيات الحوثية، التي تسعى لإعادة الحكم الإمامي بتبعية إقليمية لإيران.

4. مقاومة النفوذ الخارجي: ثورة 26 سبتمبر كانت تسعى لتحرير اليمن من السيطرة الأجنبية، وعلى المواطنين اليوم مسؤولية مقاومة التدخلات الخارجية، سواء من إيران أو غيرها من القوى التي تسعى للهيمنة على اليمن عبر دعم جماعات مسلحة مثل الحوثيين.

5. التوعية بأهداف الثورة: يتوجب على المواطنين نشر الوعي بين الأجيال الجديدة حول أهداف ومبادئ ثورة 26 سبتمبر، وأهميتها في بناء دولة يمنية حديثة تعتمد على المواطنة وحقوق الإنسان.

6. توظيف العمل السياسي والمدني في ترسيخ الثورة: الانخراط في الحياة السياسية والمدنية من خلال المشاركة في الانتخابات، دعم مؤسسات الدولة، وتكوين المؤسسات الداعمة لمبادئ الجمهورية.

7. تعزيز مسار وحدة الصف ونبذ الطائفية: كان أحد أهم أهداف ثورة 26 سبتمبر هو التخلص من الطائفية والانقسامات الطبقية، وعلى المواطنين اليوم تعزيز الوحدة الوطنية ورفض أي دعوات طائفية أو مناطقية تفرق بينهم.

 

من خلال استعراض ما سبق، يظهر وبشكل ظاهر، أن معركة استعادة الدولة القائمة حاليا تتسق مع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بوضوح، ولا يمكن الفصل بين الثورة اليمنية ومعركة اليوم، إذ أن كلها تهدف لإرساء دولة يمنية تمثل اليمنيين وتحمل أحلامهم وتحقق أهدافهم، وكذلك ترتبط ثورة سبتمبر مع معركة اليوم بأن كل منها قامت ضد الإمامة، إذ قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ضد الإمامة ممثلة ببيت حميد الدين، والمعركة الجمهورية اليوم تقوم على مقاومة الإمامة المحدثة وبنسختها الجديدة، وإن اختلفت الأزمنة أو الأسر أو المسميات.

 

لتحميل أوراق الندوة السياسية pdf (تنزيل – Download)

 

 

___________________________________________________________________

مـشاركة الـرابط عبر الــــــــبـرامج التالية

ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اليمنية: الرمزية الممتدة والتمسك بها في ظل القمع الحوثي – ندوة سياسية

إرسال التعليق